خواسر الصحراء

خميس, 07/23/2015 - 13:56

الخواسر على وزن الكواسر المسلسل السوري الرائع الذي كسر الهيمنة المصرية على الشاشة الصغيرة وأسس لنوع من المسلسلات التي تنهل من تاريخ ألحكي العربي الزاخر بالقصص والروايات والتي تساهم أيضا في إثراء الرصيد اللغوي للمشاهد الذي يتعرض لقصف ممنهج لمسلسلات مدبلجة تتجاوز المائة حلقة ولا تعالج سوى نميمة وكيد النساء بلهجة دارجة اقل ما يقال عنها أنها تمثل الوجه القبيح لمجموعة من القيم الاجتماعية التي يدعي البعض أمثال عيوش ومن على شاكلته أنها سينما الواقعية ولا ادري هل من الواقعية أن يتعرى الإنسان كما ولدته أمه ليثبت انه يمارس المسرح أو السينما بواقعية .

 

حتى لا نذهب بعيدا في الموضوع وعودة إلى الخواسر الذي قدمته بالمناسبة شاشة دار لبريهي كمنتوج رمضاني يعكس الانحطاط اللغوي والفني بتقنية التمييع الذي أصبح أداة مثلى في مواجهة كل إبداع حقيقي سواء كان فنيا أو سياسيا فنحن في زمن التمييع الخاسر بكل المقاييس .

 

على نفس النهج والمسار يمكن القياس على الخواسر بالصحراء وهم بالمناسبة تلك الكائنات التي كانت تمثل الأداة في تمييع المشهد السياسي والاجتماعي بالمنطقة فتم تمييع المثل العليا للمجتمع الصحراوي من خلال ضرب النخوة الرجولية لدى الإنسان  الصحراوي لتحويله إلى كائن انتهازي باحث عن المنفعة الخاصة حتى ولو كانت على حساب مساهمته في ترسيخ نوع من السلوكيات المشينة والحاطة من كرامة الناس المتمثلة في تسول الحقوق والتزلف لبيادق محنطة الفكر أنتجها فقط واقع سياسي معين ارتبط بهذه الصحراء وهي تكافح وتناضل اليوم من اجل التخلص من منتوج هذه الحقبة.

 

الخواسر بالصحراء هم أيضا شرذمة محترفي الانتخابات ليس باعتبارها جزء من العملية الديمقراطية بل باعتبارها بوابة نحو اختلاس المال العام واغتصاب الأراضي وبيعها لشركة الفوسفاط بالملايير هؤلاء شناقة من نوع خاص محترفون وخواسر بكل ما تحمل الكلمة من معنى لا سيما احترافهم الجديد بالأحزاب التي يغيرونها كتغيريهم لملابسهم الداخلية ..وخير مثال على صحة ما نقول الأخبار المتداولة هنا بالصحراء عن كيفية ورسم التوقعات وبناء التحالفات وتغيير ألوان الأحزاب السياسية بالرغم من أن بعض الأسماء التي تمارس هذه الأيام رياضة التحليق لتحط الرحال تارة هنا على غصن هذا اللون السياسي وتارة أخرى على لون سياسي يتناقض مع اللون الاؤل الذي كان البعض يتبوأ عضوية المكاتب السياسة فهل هناك خواسر في الممارسة  السياسية أكثر خسورية  من أصحاب هذه السلوكيات والذين وجدو أيضا واقعا خطيرا تجتازه جل الأحزاب التي كانت تنعت في وقت مضى على أنها أحزاب وطنية وديمقراطية اليوم هذه المؤسسات الحزبية تعاني معضلة الديمقراطية الداخلية وتم غزو ها من طرف لوبي الفساد والإفساد الذي يخوض معاركه فقط بالمال ولا شيء غير المال لاوجود لديه لا لفكر ولا لنظال ولا كبد لديه على وطن ولا على أمة هؤلاء هم من ينعتونهم بماليين الشكارة أو بدارجة أصح السوايقية .

 

بالمناسبة هؤلاء هم من يدعون أن بإمكانهم ترسيخ صيغ الحكامة وترجمة توجهات رئيس الدولة في تنزيل مشروع الجهوية الموسعة هؤلاء أيها السادة خبراء فقط في توسيع مجال اصطيادهم في المياه العكرة والأسنة لا الدولة باستطاعتها تقليم كوارث خواسرهم ولا المواطن العادي الذي لم يقتنع بعد في جدية هذه الدولة في ترجمة مشروعها الحداثي على ارض الواقع للآن هذا المواطن الذي تصاغ له الأمثلة الحية على قدرة الفساد على استعراض عضلاته لم يعد يعطي الأهمية القصوى إلى العملية الانتخابية باعتبارها تمرينا ديمقراطيا يمكنه إعادة ضخ الحياة في شرايين الحياة العامة للساكنة  ..الانتخابات بالنسبة للمواطن بالصحراء اليوم هي موسم أو سوق أسبوعي يستعرض فيه خواسر الصحراء قدراتهم اللا متناهية في تبذير المال العام المحصل عليه عن طريق الادعاء بالإشراف على التدبير المحلي للساكنة .

 

الخواسر بالصحراء هم أيضا مجموعة من رجال السلطة منهم من قضى ومنهم من ينتظر ومنهم من يعاني معضلات صحية لم يجد لها سببا وهذا النوع ربما اختار له العلي القدير دفع الحساب المسبق بالدنيا قبل الآخرة .هذا الصنف ممن أتمنتهم الدولة على مسؤوليات جسام وجدو في الصحراء مرتعا خصبا لصناعة الفساد والاتجار فيه وشكلوا بذالك لفيفا تطور ليصبح مافيا غير معلنة تاجرت في كل شيء في البحر والبر والجو وفي الأرض والرمال وفي إغلاق الاظرفة وفتحها في تحالف قوي مع زبانية الانتخابات المعروفة بالصحراء .

 

هم الخواسر على وزن الكواسر وهم فعلا كواسر أمام من اعتقدوا أن في السياسة دوام الحال ونسوا أو تناسوا أن دوام الحال من المحال .

 

الخواسر اهتدوا مؤخرا  حسب ما يستنتج من المشهد العام بالصحراء منذ تعيين الدولة للوالي الجديد الذي لازلنا ننتظر منه على الأقل تجسيد المنظور الملكي المعبر عنه في أخر خطاب لذكرى المسيرة الخضراء حيث بدأ هناك استنتاج يستشف منه أن هناك ترتيبات معينة تحركها هواجس انتخابية في مقابل تدابير مسبقة للسلطة ممثلة في الوالي لحسم الخريطة الانتخابية وإذا صح هذا الاستنتاج فسنكون أمام تحالف خطير جدا له مقدمات تؤسس إلى أشياء متناقضة جملة وتفصيلا وحتى لا نستبق الإحداث فسنؤجل الحديث عن هذا الشق حتى يتوفر لدينا ما يثبت وجاهة  أو وقاحة هذا الطرح .مع أني على المستوى الشخصي لا استبعد أي إبداع فج ووقح من خواسر الصحراء المستعدون لتجسيد الواقعية المصلحية حتى ولو اضطروا إلى خلع ملابسهم ليثبتوا واقعيتهم كما يفهمونها وكما فهمها أو أراد أن يفهمها المخرج نبيل عيوش للمغاربة عبر شريطه السينمائي الزين لي فيك .

 

تحية مني ملئها عدم الاحترام  لكل خاسر كائن سياسي أنتجه تدبير خاسر للدولة التي تحاول محو هذه الخسارة السياسة التي أنتجت الكثير من الخسائر والتي تحولت إلى كواسر يهددون ويتوعدون كل مشروع يستهدف ترجمة محاولات الدولة ترسيخ قيم الحكامة الجيدة والمفهوم الجديد للسلطة والبحث عن الثروة الوطنية كل هذه الأشياء ألان في مواجهة خواسر الصحراء الذين بدأو مبكرا رسم وتحديد الأهداف الخطير والجديد في الأمر مع من وبأية وسائل ..فلننتظر السوق الانتخابي بالصحراء والذي لا محالة أن كل عاقل قارئي جيد لمسار الأحداث لن ينجر إلى دخوله  وأن كل حر تجري في دمائه حرارة الصحراء لن يرضى ببيع صوته للان هذا المجال الانتخابي بالصحراء إلى حد ألان   حلبة مخصصة إلى هؤلاء الخواسر وعندما تقرر الدولة بجدية وواقعية موازنة المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي بالصحراء حينها يمكن أن ننظف جميعا الملعب لضمان ممارسة لعبة ديمقراطية نظيفة مادون ذالك هو تكريس لنوع من الخسائر على أيدي هؤلاء الخواسر والخاسر في كل هذا هو الوطن ونختتم بقول المغني التونسي الذي قال ..خذو المناصب والمقاعد بس سيبو الوطن .

      بقلم:    محمد الداودي

[email protected]