تأبين المرحومة ميمونه بنت سيد محمد ولد مني / بقلم أحمد ولد إمييجن

ثلاثاء, 07/14/2015 - 23:15

مساء الجمعة الثاني والعشرين من شهر رمضان المبارك لعام 1436 هجرية , غادرتنا إلى جنات الخلد والنعيم المقيم المرحومة بإذن الله الوالدة ميمونة بنت سيد محمد ولد مني " مماه " بعد إصابتها بضعف عام وتحسس مستمر لازمها السنوات الأخيرة , إلا أنه اشتد عليها خلال الأشهر الثلاثة الماضية ، مما اضطرها إلى معاودة الأطباء بالمملكة المغربية ، ولكن لكل أجل كتاب فكان القدر المكتوب بالعاصمة الرباط . كانت المرحومة "مماه "ميمونة مؤمنة بقضاء الله وقدره، فكانت ذات شأن رفيع ، فهي صالحة من نساء العالمين، عاشت حياة سعيدة جميلة مليئة بالحب والصفا، عن عمر ناهز الثمانين سنة، فكانت موفقة في حياتها كما كانت موفقة في مماتها حيث كانت وفاتها في ليلة من ليالي العشر الأواخر من شهر الرحمة والغفران والصفح رمضان المبارك، صادف ذلك أيضا عطلة نهاية الأسبوع فلم تتعب أحدا وإن كان تعبها راحة، فحضر للصلاة علي جثمانها بالمسجد العتيق بنواكشوط آلاف المصلين الذين دعوا لها بالرحمة والغفران ، كما تمت الصلاة كذلك على روحها الطاهرة من طرف المئات من الأهل والأحبة بمسجد لحواش بأبي تلميت ، الكل داع لها بالثبات والرحمة. لقد كانت المرحومة الفاضلة من أولى سيدات مجتمع العاصمة، فكان منزلها عامرا ومفتوحا، يرتاده الجميع، فعلاقاتها كانت واسعة ومتنوعة، تكرم وتحسن للضيف وللجار يتساوى في ذلك القريب والبعيد، كانت سيدة مثالية في كل شيء في تعاطيها مع الكل، تتسم بحلاوة المعشر ودماثة الأخلاق والأريحية، إن تجالسها تشعر أنك أمام سيدة من الطراز الأول أمام مواطنة تحب أهلها وبلدها، غيورة على رفعة الوطن وسمعته. عاشت المرحومة " مماه " ردحا من الزمن خارج الوطن رفقة زوجها الدبلوماسي الكبير السفير أحمد ولد الشيخ ولد جدو أطال الله بقائه، كسفير فوق العادة وكامل السلطة لموريتانيا في العديد من الدول الشقيقة والصديقة أبرزها الجمهورية التونسية، المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، إلا أن مقام الأسرة في الرباط كان هو الأطول، فكانت "مماه " هي المعين الأول للطلاب الوافدين خاصة الجدد منهم الذين لم ينتظموا بعد في الدراسة فتشملهم برعايتها وتسهل أمورهم، وكذلك المرضى القادمين للعلاج تحيطهم بالعناية اللازمة وتتابع شأنهم بفضل علاقاتها الواسعة والمحترمة مع المجتمع المغربي بمختلف أطيافه العام والخاص، فالمرحومة كانت سيدة وسفيرة بامتياز بمعنى الكلمة . وخلال فترة عملي بمنظمة التعاون الإسلامي بالمملكة العربية السعودية، قل ما يحل شهر رمضان الكريم إلا واتصلت بي المرحومة وقالت لي: " يا ابني أحمد أنا قادمة إليكم للعمرة " فأقوم بالترتيبات اللازمة، وأستقبلها بكل سرور ومحبة رفقة ابنها البار العزيز الفتى الصالح الشيخ أمد الله في عمره، فهي والدتي العزيزة – فنعم الوالدة ونعم الضيف -، فقد من الله عليها أداء مناسك العمرة عدة مرات وكذلك فريضة الحج، أرجو من الحق سبحانه وتعالى أن يتقبل منا ومنها تلك الأعمال الصالحة إنه القدير على ذلك. وإزاء هذا الخطب الجلل والمصيبة الكبرى لا يمكننا أن نقول إلا (إنا لله وإنا إليه راجعون)، هذه هي أحوال الدنيا الفانية الزائفة. فلله ما أعطى ولله ما أخذ، فقد تركت المرحومة ميمونة "مماه " لذلك البيت العامر الذي رحلت عنه إلى الفردوس الأعلى الكثير من الحب والعز والمجد، رحم الله الوالدة ميمونه وأسكنها فسيح جناته إنه سميع مجيب غفور رحيم.

            بقلم: الأخ أحمد بن اميجن

إعلامي موظف دولي سابق بمنظمة التعاون الإسلامي

[email protected]