كتاب: يوميات غوانتانامو / للسجين الموريتاني محمدو ولد صلاحي (الحلقات 1-4 / جريدة الأمل الجديد)

خميس, 08/20/2015 - 12:53

يعيد موقع الرأي المستنير نشر حلقات كتاب يوميات غوانتانامو للسجين الموريتاني محمدو ولد صلاحي التي تنشرها صحيفة الأمل الجديد اليومية على صفحاتها طيلة الأسبوع من يوم الإثنين وحتى اليوم الخميس، وهذه هي الحلقات من 1 إلى 4 التي نشرتها الأمل الجديد:

ولد محمدو ولد صلاحي في مدينة موريتانية صغيرة عام 1970 حصل على منحة دراسية في كلية بآلمانيا تخرج وعمل هناك كمهندس لعدة سنوات عاد الى بلده موريتانيا عام 2000 وفي العام التالي من عودته اعتقلته السلطات الموريتانية بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية وسلمته الى الاردن سجينا ومن هناك تم تسليمه الى القاعدة الجوية الأمريكية في باغرام بافغانستان وفي 5 اغسطس 2005 نقل الى سجن الولايات المتحدة الأمريكية في خليج غوانتانامو بكوبا حيث تعرض لتعذيب شديد وفي عام 2010 اصدر قاض من المحكمة الفيدرالية حكما يقضي باطلاق سراحه فورا ولكن الحكومة الأمريكية استأنفت ذلك الحكم. لم توجه اليه الحكومة الامريكية اية تهمة بارتكاب جريمة. لا يزال رهن الاعتقال في غوانتانامو.

لاري سيمز كاتب وناشط في مجال حقوق الانسان عمل لسنوات عديدة مديرا لبرامج حرية الكتابة في مركز القلم الامريكي. يعيش حاليا في نيويورك.

--------

يود محمدو أن يهدي هذا العمل الى ذكرى والدته مريم بنت الوديعة المتوفية حديثا كما انه يود القول لو لم يكن عمله مهدى ايضا الى نانسي هولاندر وزميلتيها تريزا دنكان وليندا مورينو لما كان بمقدوره تقديم هذا الاهداء.

-------

التسلسل الزمني للاحتجاز

يناير عام 2000

بعد قضاء اثنتي عشرة سنة في الدراسة والعيش والعمل فيما وراء البحار في المانيا بصورة اساسية ومن ثم في كندا لوقت قصير قرر محدو ولد صلاحي أن يعود الى بلده الأم موريتانيا. وفي الطريق الى موطنه اعتقل مرتين بأمر من الولايات المتحدة الأمريكية وفي المرة الأولى اوقفته الشرطة السينغالية وفي المرة الثانية اعتقلته السلطات الموريتانية ثم استجوابه من قبل عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي في القضية ذات الصلة بما يعرف بمؤامرة الألفية لتفجير مطار لوس انجلوس الدولي اظهرت التحقيقات عدم وجود أدلة تثبت تورطه في المؤامرة لذا اطلق سراحه في 19 فبراير 2000.

 

2000 – خريف 2001

يعيش محمدو مع اسرته ويعمل مهندسا كهربائيا في نواكشوط في موريتانيا.

29 سبتمبر 2001

جاءت الشرطة الموريتانية الى دار محمدو وطلبت منه مرافقتهم لاجراء مزيد من التحقيق استجاب للأمر وقاد سيارته الخاصة طواعية الى مركز الشرطة.

28 نوفمبر 2001

تنقل طائرة عمليات تابعة لوكالة الاستخبارات الامريكية محمدو من موريتانيا الى سجن في عمان في الاردن حيث تم التحقيق معه مدة سبعة اشهر ونصف الشهر من قبل المخابرات الاردنية.

19 يوليو 2002

طائرة أخرى تابعة لوكالة الاستخبارات الأمريكية تأخذ محمدو من عمان عاريا معصوب العينين ومقيد اليدين واعضاؤه الخاصة مغطاة بحفاظة أطفال وتنقله جوا الى القاعدة العسكرية الأمريكية في باغرام في افغانستان.. يروي محمدو هذه الاحداث في يوميات غوانتانامو حيث يبدأ عمله بهذا المشهد.

4 اغسطس 2002

بعد اسبوعين من الاستجواب في قاعدة باغرام ينقل محمدو مع اربعة وثلاثين معتقلا آخر لينقلوا جوا بطائرة عسكرية الى غوانتانامو. تصل المجموعة وتجرى لها الترتيبات هناك في 5 اغسطس 2002.

2003-2004

يخضع المحققون العسكريون الامريكيون محمدو لخطة خاصة للاستجواب وافق عليها وزير الدفاع رونالد رامسفيلد شخصيا تتضمن الخطة تعذيب محمدو شهورا من العزلة الشديدة مترافقة بسلسلة من الاهانات الجسدية والنفسية والجنسية ناهيكم عن تهديده بالموت وتهديد اسرته بمصير مشابه مع القيام بتمثيل ادوار خطف وهمية.

3 مارس 2005

يقدم محمدو عريضة مكتوبة بخط اليد يطلب فيها كتابة قصة مثوله امام المحكمة.

صيف 2005

يكتب محمدو 466 صفحة بخط اليد في زنزانته المعزولة في غوانتانامو تلك الصفحات فيما بعد هذا الكتاب.

12 يونيو 2008

بموجب قوانين المحكمة العليا 4-5 في قضية الجهادي المعتقل بومدين ضد بوش يحق لمعتقلي غوانتانامو الاعتراض على حجزهم من خلال المثول امام المحكمة.

اغسطس – ديسمبر 2009

يستمع جيمس روبيرتسون قاضي محكمة المقاطعة الامريكية الى عريضة محمد امام المحكمة.

مارس 2010

يقبل القاضي روبيرتسون عريضة محمدو التي امتثل بها امام المحكمة ويصدر قرارا باطلاق سراحه.

6 مارس 2010

ترسل ادارة اوباما طلب اعتراض على قرار اطلاق سراحه.

5 نوفمبر 2010

ترد محكمة دعاوي الاستئناف لمقاطعة كولومبيا قضية محمدو وترسلها الى محكمة المقاطعة الامريكية لاعادة الاستماع اليها مازالت القضية مغلقة.

لا يزال محمدو يقبع في سجن غوانتانامو في الزنزانة نفسها حيث جرى الكثير من الاحداث المذكورة في هذا الكتاب.

 

ملاحظات حول النص والتنقيح والحواشي

يعد هذا الكتاب طبعة محررة من مخطوطة يصل عدد صفحاتها الى 466 صفحة كتبها محمدو ولد صلاحي بخط اليد في زنزانة شجنه في غوانتانامو وذلك في صيف وخريف 2005.

لقد تم تحرير الكتاب مرتين مرة من قبل الحكومة الأمريكية حيث وضعت أكثر من 2500 خطا اسود كنوع من الرقابة على نص محمدو ليأتي بعد ذلك دوري في التحرير في المرة الثانية ولم يكن محمدو قادرا على المشاركة او الاستجابة الى أي نوع من هذه الخطوات التي رافقت تحرير الكتاب.

مع ذلك كان يحدوه الأمل بأن مخطوطته ستصل أخيرا الى جمهور القراء حيث أنها تخاطبهم بصورة مباشرة وعلى نحو خاص القراء الأمريكيين وقد ابدى بوضوح موافقته على شكل هذه الطبعة بعد إجراء تحريرها كما أنه عبر بوضوح عن اجراء التحرير حيث تم بطريقة تنقل المحتوى بأمان وصدق وإنه بذلك يحقق ما كانت تطمح اليه النسخة الأصلية وقد ائتمنني على القيام بهذا العم وهذا ما حاولت فعله لتحضير هذه المخطوطة من اجل الطبع.

كتب محمدو ولد صلاحي مذكراته باللغة الانكليزية لغته الرابعة التي كتب بها بصورة أساسية في السجن الأمريكي وعلى سبيل التسلية ليس إلا حيث أنه يصف ذلك في أكثر من مكان في الكتاب.

إن عمله هذا لهو مأثرة فهو من جهة عمل هام ومن جهة أخرى إنجاز رائع بحد ذلته كما أنه خيار يخلق بعض أهم النتائج الأدبية لكتاب ممكن في ميدان الأدب.

إن الكاتب يستخدم معجما ثريا من الكلمات يصل عددها الى سبعة آلاف كلمة وهو معجم لا يقل حجما عن المعاجم الذاخرة التي تضفي القوة على الملاحم الهوميرية لقد أنجز عمله بطريقة تعكس أحيانا صدى تلك الملاحم باستخدامه العبارات الوصفية لأحداث وظواهر متكررة.

وهو يفعل ذلك كصانع الملاحم بطريقة ينشر بها تأثيرا هائلا على صعيد الفعل والعاطفة وعلى نطاق واسع ومن جهتي بذلت جهدي للحفاظ على هذه اللمسة في عملية تحريري للكتاب مع شعور بالاجلال لانجاز العمل.

هذا دون أن نسى في الوقت ذاته أن المخطوطة التي تمكن محمدو من تاليفها في زنزانته عام 2005 غير مكملة واحيانا ليست الا مسودة مجزأة.

في بعض اقسامها يبدو النثر مصقولا أكثر وفي اقسام اخرى تبدو كتابة الخط دقيقة واصغر حجما وكلا الأمرين يوحيان باحتمال وجود مسودات مسبقة وفي اماكن أخرى من المخطوطة تبدو الكتابة الى حد كبير كمسودة أولى كتبت بعجالة وبغير انتظام.

ثمة اختلاف في مستويات السرد مع ضآلة في الخط القصصي في الاقسام التي تصف الاحداث الأكثر حداثة معطيا بذلك تكثيفا للأحداث ونظرة مقربة للشخصيات التي يصفها كما يتوقع المرء تماما.

ومع ان الشكل النهائي لم يعط للعمل بعد فأن سلسلة من ومضات الاحداث التي تسبق السرد المركزي تضاف اليه في النهاية.

في مقاربة لهذه التحديات وككل محرر يسعى لارضاء توقعات المؤلف كلها عبر التقليل من الأخطاء والهفوات الى حدها الادنى لاظهار نقاء الصوت والرؤية قمت بتحرير المخطوطة على مستويين: شمل المستوى الأول الاسطر حيث تابعتها سطرا سطرا بهدف تصحيح أزمنة الفعل وترتيب الكلمات والتعابير غير الملائمة واحيانا من أجل توضيح المعنى لتقوية النص باعادة ترتيبه من جديد.

كما أنني قمت بدمج ومضات الأحداث الجانبية في السرد الرئيسي واعطاء انسيابية الى المخطوطة ككل الإجراء الذي اخفض عدد كلمات المخطوطة من (122000) كلمة تقريبا الى اقل من (100000) كلمة في هذه النسخة المعدلة.

وكانت قرارات التعديل هذه هي مني فقط وكل أمل أن يحوز الكتاب رضا وموافقة محمدو.

لقد واجهتني جملة من التحديات اثناء قيامي بعملية تحرير النص وخاصة التي تتعلق بتدقيقا الحكومة لمخطوطة مسبقا إن هذه التدقيقات هي تغييرات فرضت على النص من قبل الحكومة نفسها المستمرة في التحكم بمصير المؤلف نفسه عبر لجوئها الى السرية كأداة أساسية لذلك التحكم لأكثر من ثلاث عشرة سنة.

والحالة هذه فان الخطوط العريضة السوداء على الصفحة هي عبارة عن علامات تذكيرية بصرية حية في خدمة الظرف الذي يعيش فيه المؤلف حاليا.

في الوقت ذاته اكان الامر مقصودا أم لا فان تلك التدقيقات غالبا ما تعيق معنى الرواية وتلطخ محيط حركة الشخصيات فضلا عن اضفاء الغموض على النبرة التقاربية المفتوحة لصوت المؤلف.

بما ان عملية تحرير النص تعتمد كليا على القراء فان أي تحرير لنص مر على مقص الرقيب سيكون مصحوبا بجهد خاص لايجاد السياقات الخاصة للجمل المشطوبة وما تعليقات الحواشي التي تظهر في اسفل الصفحات الا سجلا حيا على ذلك الجهد.

تمثل هذه الملاحظات طبيعة التأملات المرتبطة بالتنقيح على اساس السياق الذي تظهر فيه الاماكن التي طالتها عملية التنقيح مع المعلومات التي تظهر في سياق المتاب هنا وهناك والتي بمجملها تعتبر مصادر ثرية في متناول الجمهور حول محنة محمدو ولد صلاحي وحول الأحداث والنشاطات والتواريخ الزمنية المذكور في الكتاب.

كما ان المصادر تشمل ايضا الوثائق الحكومية غير المصنفة التي حصلت عليها من خلال قانون حرية المعلومات بعد الإجراءات القانونية اللازمة دون ان نسى التقارير الصحفية والاعمال المنشورة لعدد من الكتاب وصحفيي اعمدة التحقيقات ناهيكم عن التحقيقات الشاملة لكل من وزارة العدل ومجلس الشيوخ الأمريكي.

لم أحاول في تعليقات الحواشي اعادة بناء النص الأصلي المدقق أو حتى إماطة اللثام عن المادة المصنفة بل على العكس من ذلك بذلت قصارى جهدي لعرض المعلومات التي تتطابق الى حد معقول مع التدقيقات وخاصة المعلومات الواردة في المصادر العامة والتي تظهر جليا من خلال قراءة متمعنة للمخطوطة وحيثما وجدت ذلك ضروريا لاضفاء السهولة على قراءة الكتاب ليفعل النص فعله في التأثير على القارئ واذا كانت هناك أية أخطاء في ملاحظاتي عندئذ يقع كامل المسؤولية على عاتقي وحدي.

لم يراجع أي من محامي محمدو ولد صلايح الذين يحملون التراخيص الأمنية الهوامش في هذا الكتاب أو ساهم فيها بأي شكل من الاشكال ولم يتم التأكد على أي من تخميناتي المتضمنة فيها او رفضها كما انه لم يتمكن أي شخص اخر من الوصول الى المخطوطة غير المنقحة لمراجعة الهوامش أو المساهمة فيها باي شكل من الأشكال أو حتى يؤكد أو يرفض تخميناتي المتضمنة فيها.

لقد رافقت تحديات عملية تحرير النص حتى اثمرت الجهود المبذولة عن اخراج هذا العمل الاستثنائي الى النور وهي تحديات ناتجة عن واقع ان الحكومة الأمريكية مازالت مستمرة في حجز المؤلف دون مبرر مقنع حتى تاريخه وعن حقيقة ان نظام الرقابة يمنعه من المشاركة في عملية تحرير الكتاب.

اتطلع شوقا الى ذلك اليوم الذي يكون فيه محمدو ولد صلاحي حرا طليقا ونقرأ الكتاب معا في شكله النهائي كما يرغب هو في نشره حتى ذلك الوقت ارجو أن تكون هذه النسخة المعدلة قد نجحت في الامساك بروح النص الاصلي في تكملته مع انها تذكرنا في كل صفحة تقريبا بمقدار ما يمكن القيام به بعد.

ملاحظة: تضع الأمل الجديد نقاطا مكان الخطوط العريضة السواء لمكان الحذف في الكتاب.

المقدمة

بقلم لاري سميز

في صيف وأوائل خريف 2005 كتب محمدو ولد صلاحي مسودة هذا الكتاب بخط يده وتتألف من 466 صفحة أي ما يعادل 122000 كلمة كتبها في زنزانته الانفرادية في سجنه المنعزل في كامب ايكو في جزيرة غوانتانامو.

كتبها على حلقات بعيد السماح له بلقاء نانسي هولاندر وسيلفيا روليس وهما محاميتان من فريقه القانوني للمصلحة العامة. وفي ظل البروتوكولات الصارمة لنظام الرقابة في غوانتانامو اعتبرت كل صفحة كتبها مصنفة منذ لحظة كتابتها وبموجب ذلك تم تسليم كل قسم جديد الى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بغية المراجعة والتدقيق.

وفي 15 ديسمبر من عام 2005 أي بعد ثلاثة اشهر من البدء بالكتابة وقع على الصفحة الأخيرة من المخطوط من تثبيت التاريخ عليها وقد قاطع محمدو شهادته خلال جلسة الاستماع أمام هيئة اعادة النظر الادارية في غاونتانامو ليقول لضباط رئاسة الجلسة:

اريد ان اذكر هنا أنني كتبت كتابا في الآونة الأخيرة في سجني هنا وهو عن قصتي الكاملة حسنا؟ لقد أرسلته للنشر في مقاطعة كولومبيا عندما ينشر أنصحكم أيها الرجال أن تقرأوه وان تعملوا شيئا من الدعاية له إنه كتاب ممتع للغاية كما اعتقد!.

لكن مخطوطة محمدو لم تنشر ختمت بسري وهو مستوى من تصنيف المعلومات التي يمكن أن تسبب ضررا خطيرا للأمن القومي إذا ما أصبحت علنية كما انها صنفت بنيفورن وذلك يعني أنه لا يسمح لأي مواطن أو اية جهة استخباراتية مشاركة هذه المعلومات. وهكذا فقد اودعت في مكان امن بالقرب من واشنطن مقاطعة كولومبيا ولا يمكن الوصول اليها الا من قبل أولئك الذين يحملون التراخيص الأمنية ووثيقة الحاجة الى المعرفة الرسمية ولأكثر من ست سنوات قام محامو محمدو برفع دعوى امام القضاء وجرت الكثير من المفاوضات حتى تم الحصول على المخطوطة مرخصة للنشر العام.

خلال هذه السنوات وبضغط من دعاوى قانون حرية المعلومات التي يقدمها اتحاد الحريات المدنية الأمريكي حررت الولايات المتحدة آلاف الوثائق السرية الى تصنف معاملة السجناء في السجون الأمريكية.

منذ الهجمات الإرهابية في سبتمبر 2001 المحت العديد من هذه الوثائق الى محنة محمدو على يد وكالة المخابرات المركزية أولا ومن ثم على يد الجيش الأمريكي في غوانتانامو حيث أخضعه فريق خاص للتحقيق الى واحد من أقسى التحقيقات عنادا ودراسة في المحاضر كما ان بضعا من تلك الوثائق تحتوي على شيء آخر ايضا وهو عينات من التعذيب المعنوي بصوت محمدو.

كانت احدى هذه العينات موجودة في مخطوطته باللغة الانجليزية في ملحوظة قصيرة مؤرخة بتاريخ 3 مارس 2005 كتب: مرحبا أنا محمدو ولد صلاحي المعتقل في غوانتانامو تحت الرقم 760 ...... ارفع طلبي هذا من اجل امر قضائي للمثول بين يدي المحكمة وقد تضمنت هذه الملاحظة بكل بساطة: لم ارتكب جريمة من أي نوع ضد الولايات المتحدة ولم تنتهمني الولايات المتحدة بأية جريمة لهذا اطالب بحريتي فورا ولمزيد من التفاصيل حول قضيتي سأكون سعيدا لأي جلسات استماع مستقبلية.

كما أن وثيقة اخرى بخط اليد وباللغة الانكليزية كانت مرسلة الى محاميته سيلفيا روليس بتاريخ 9 نوفمبر 2006 وينكت فيها: طلبت مني أن اكتب لل كل ما قلته للمحققين هل فقدت عقلك؟ كيف يمكنني أن انقل تحقيقا لم ينقطع على مدى السنوات السبع الأخيرة؟ إن القيام بذلك يشبه سؤال شارلي شين: كم موعدا اعطيت للنساء ثم يمضي قائلا: مع انني قدمت لك تقريبا كل شيء في كتابي الذي ترفض الحكومة وصوله اليك وكنت سأستمر في اعطاء المزيد من التفاصيل ولكنني اعتبر أي محاولة من هذا القبيل نوعا من العبث.

لايجاز قصة طويلة يمكنك ان تقسمي سجني الى مرحلتين اساسيتين:

مرحلة ما قبل التعذيب اعني انني لم استطع القماومة: اخبرتهم الحقيقة عن نفسي بانني لم اقم بشيء ضد بلدكم دامت هذه المرحلة حتى 22 مايو 2003.

مرحلة ما بعد التعذيب: حيث انفرطت مكابحي. لقد وافقت على كل تهمة وجهها الي المحققون حتى انني كتبت اعترافات ضئيلة الاهمية للتخطيط بضرب برج CN في تورنتو على اساس نصيحة الرقيب الاول العسكري......

لقد اردت فقط إبعاد القردة عن ظهري لا يهمني كم سأبقى في السجن طالما أنني منسجم مع نفسي.

كما ان الوثائق تضمن زوجا من طبق الأصل من شهادة محمدو المحلفة امام هيئة اعادة النظر في المعتقلين في غوانتانامو.

الوثيقة الأولى والنموذج الأول لصوته في أي مكان في الوثائق كانت من جلسة الاستماع امام محكمة اعادة النظر بوضع المقاتل وتاريخها هو 8 ديسمبر 2004 وهو التاريخ الذي يأتي بعد اشهر فقط من انتهاء ما يسمى الاستجواب الخاص له وتتضمن هذا التبادل في المعلومات:

سؤال: هل يمكنني الحصول على اجابة منك بخصوص الادعاء الأو بأنك عضو في الطالبان أو في القاعدة؟

الجواب: الطالبان ليس هناك ما يجمعني بهم البتة اما القاعدة فنعم كنت عضوا في افغانستان في 91 و92 وبعدما غادرت افغانستان قطعت كل علاقاتي مع القاعدة.

سؤال: ولم تقدم لهم ابدا مالا او أي نوع من الدعم منذ ذلك الحين؟

الجواب: لا شيء البتة.

سؤال: هل جندت اناسا لصالحهم؟

الجواب: كلا إطلاقا لا محاولة من أي نوع لتجنيد الناس لصالحهم.

سؤال: قلت انك اعترفت تحت الضغط بأنك اشتركت بمؤامرة الالفية هل هذا صحيح؟

الجواب: نعم.

سؤال: لمن اعترفت بذلك؟

الجواب: اعتفرت للأمريكيين.

سؤال: وماذا تعني بتحت الضغط؟

الجواب: فضيلتكم لا ارغب في التحدث عن طبيعة هذا الضغط إن لم اجبر على ذلك.

رئيس المحكمة: لست مجبرا نريد فقط التأكد بأنك لم تعذب أو تكره على قول شيء ليس صحيحا هذا هو السبب الذي يجعلنا نطرح السؤال عليك.

الجواب خذها مني لم أتورط في هجوم مرعب كهذا نعم اعترفت بأنني كنت عضوا في القاعدة ولكني لا أرغب في التحدث حول هذا الموضوع. جاءني أناس أذكياء وحللوا ذلك وحصلوا على الحقيقة خضعت لاختبار مكشاف الكذب ونجحت فيه وقالوا لي إنني لست مضطرا للتحدث عن هذا بعد الاختبار. قالوا: من فضلك لا تتحدث عن هذا الموضوع بعد اليوم وهم من جهتهم لم يفتحوا هذا الموضوع معي منذ سنة كاملة.

سؤال: الآن هل أساءت إليك الولايات المتحدة باي شكل من الأشكال؟

الحواب لست راغبا بالإجابة عن هذا السؤال لست مضطرا للتحدث عن ذلك إن تجبروني عليه.

أما الوثيقة الثانية فهي ادارة محكمة اعادة النظر بوضع المقاتل عام 2005 حيث يعلن هناك بأنه كتب هذا الكتاب وها قد مضى عام على جلسة الاستماع في تلك المحكمة عام بعد أن سمح له أخيرا بمقابلة المحامين وايجاد الفرصة والقدرة على التحمل لتدوين تجربته في هذه الفرصة يتحدث بحرية عن اوديسته بعيدا عن الخوف والغضب بصوت ينم عن السخرية والذكاء كان سخيفا للغاية يقول محمدو عن احد محققيه بعد تهديده لأنه قال إنه سيدل السود معي في مكان واحد. ليست لدي أية مشاكل مع السود فنصف سكان بلادي سود.

ومحقق آخر في غوانتانامو كان يعرف بالسيد X وكان مغطى من رأسه حتى قدميه مثل النساء في المملكة العربية السعودية وكان يلبس قفازات. كانت اجوبة محمدو غنية بالتفاصيل لايقاع ابلغ الأثر في العقل والنفس. قال للهيئة: ارجوكم ايها الرجال ان تفهموا قصتي جيدا ولا يهمني إذا ما جعلتكم تطلقون سراحي ام لا بل كل ما اريده هو فقط ان تفهموا قصتي.

ليس لدينا التسجيل الكامل لجهود محمدو في رواية قصيته لهيئة اعادة النظر في جلسة الاستماع تلك فعندما بدأ بوصف تجربته في غوانتانامو خلال صيف 2003 بدأ جهاز التسجيل يعمل حينئذ بالضبط على نحو سيء فيظهر ذلك التقطع في الصوت كفواصل سوداء في الوثيقة في ذلك القسم المفقود من الوثيقة يروي المعتقل كيف عذب في غوانتانامو من قبل عدة افراد في حين تقدم الوثيقة بدلا من ذلك حصيلة النقاط التي شطبت عليها الهيئة وتصل الى 1000 نقطة وهي النقاط التي جرى فيها قصور في التسجيل.

بدأ المعتقل بمناقشة الإساءة المزعومة التي تلقاها من قبل محققة معروفة له باسم...... حاول المعتقل أن يشرح للهيئة..... افعالا ولكن اعترته حالة من الخجل والاضطراب. لقد قال انه تعرض لتحرش جنسي ومع انه يحب النساء فانه لم يحب ما فعلته به..... لاحظ الضابط رئيس الجلسة اضطراب المعتقل واخبره بأنهم لم يطلبوا منه رواية القصة. شعر المعتقل بالامتنان على عدم المضي قدما في سرد التفاصيل بخصوص الاساءة المزعومة من جانب......

اعطى المعتقل معلومات مفصلة عن الاساءة المزعومة من طرف..... و......... ذكر أن........ و......... دخلا غرفة ملثمي الوجه وانهالا عليه بالضرب. ضرباه على نحو مؤلم حتى اضطرب حالة........

لم يرض.......... عن المعاملة التي يتلقاها المعتقل وبدأ يتعاطف معه. وبناء على ما قاله المعتقل فقد بدأ........ بالبكاء وأخيرا كلا من......... و......... ليتوقفا عن ضربه. أراد المعتقل أن يكشف للهيئة عن الندوب وآثار التعذيب على جسده ولكن الهيئة رفضت رؤيتها. وتقر الهيئة بأن هذا هو الملخص الواضح المشوه من الشريط.

لدينا فقط هاتان الوثيقتان لان قاضيا من الحكومة الفيدرالية ترأس في ربيع 2006 الدعوى القضائية المقدمة من جانب قانون حرية الاعلام والمحفوظة في اضبارة لدى الاسوشيتدربس واعطى القاضي المذكور قراره النهائي برفع الحجز عن تلك الوثائق واطلاقها للنشر. وفي نهاية المطاف اجبرت الدعوى تلك البنتاغون على نشر قائمة رسمية باسماء الرجال المحتجزين في سجن غوانتانامو بعد أربع سنوات من فتحه وللمرة الأولى اصبح للسجناء اسماء وللأسماء أصوات. لقد روى العديد من السجناء في وثائق جلسات الاستماع السرية قصصا وضعت حدا للمزاعم القائلة بأن معسكر الاحتجاز الكوبي يضم اسوا السيئين رجالا في غاية الخطورة وقد جاء على لسان ضابط مشرف هناك عند وصول المجموعة الاولى للسجناء وهبوطهم على ارض المعسكر في عام 2002 بأنهم سيفتحون خطوطا هيدروليكية في خليفة الطائرة C-17 لانزالهم.

لقد تطرق العديد من أمثال محدو الى موضوع التعامل معهم في السجن الأمريكي.

لقد أكد البنتاغون من جهته بأن المعتقلين الموجودين في غوانتانامو هم مدربون ارهابيون صانعوا متفجرات كانوا سيصبحون انتحاريين بالمتفجرات بالاضافة الى اشخاص آخرين خطيرين. كما أن ناطقا عسكريا عندما اصبحت الوثائق في متناول عموم الناس أكد قائلا: نعرف انهم تدربوا على الكذب سعيا وراء كسب التعاطف تجاه حالتهم حتى يشكلوا ضغطا على الولايات المتحدة.

وبعد عام عندما رفع الجيش يده عن تسجيلات جلسات استماع الهيئة الإدارية الخاصة باعادة النظر في غوانتانامو عام 2006 اختفت وثيقة محمدو كليا.

حصلت مخطوطة محمدو اخيرا على رخصة للنشر العام وقد استطاع أحد اعضاء فريقه القانوني أن يسلمني اياها على قرص مدمج بعنوان: مخطوطة صلاحي – نسخة غير مصنفة وكان ذلك في صيف عام 2012 في ذلك الحين كان قد أصبح لمحمدو عقد من الزمن في غوانتانامو.

وافق أحد قضاة المحكمة الفيدرالية على طلبه المثول أمام المحكمة قبل عامين من تاريخ استلام المخطوطة وأمر باطلاق سراحه ولكن الحكومة الامريكية استأنفت قضيته وبموجب ذلك اعادت محكمة الاستئناف طلبه الى محكمة المقاطعة الفيدرالية لإجراء جلسة الاستماع له ومازالت القضية مغلقة حتى الآن.

يتواصل

نقلا عن يومية الأمل الجديد