ولد داهي يقترح تشكيل لجنة وطنية للتوشيحات

أحد, 01/10/2016 - 19:52

الكاتب المختار ولد داهي

تُعَرًفُ التوشيحات بأنها آليةٌ يسمح من خلاله المشرع بمنح مكافآت معنوية رمزية و تشريفية  للمواطنين الذين يتميزون بالشجاعة  الاستثنائية و التضحية الخارقة و الإيثار الفائق و  الإبداع  غير المسبوق و التفاني الخارج علي المألوف في العمل و الخدمة  العَصِيًةِ علي اللِحَاقِ للمواطن و الوطن...

وفي بلادنا  يُحدد مرسوم طبقات و مراتب و درجات التوشيحات و شروط  و ظروف منحها و يأخذ البعض  صادقا و مُصِيبًا علي هذا المرسوم استنساخه "الأمين"شكلا و مضمونا للتنظيم الفرنسي في منح المكافأة و التكريم الرمزي دون بذل أي جهد في تَبْيئَتِهِ و مَرْتَنَتِهِ حتي يكون  أكثر مقروئية و قبولا و تقديرا من كافة الموريتانيين.

و لقد تابعتُ منذ نهاية السنة المنصرمة مسلسلا  "يُبَثُ" يوميا  تقريبا  في أوقات ذَرْوَةِ و سَنَامِ المشاهدة عبر نشرة الأخبار في الثامنة مساء بالقناة التلفزية الرسمية "الموريتانية"التي يلاحظ الجميع أنها ازًيًنَتْ قليلا مَظْهَرًا و مَخْبَرًا خلال السنتين الأخيرتين و "نُقِصَ من عُمُرِهَا" و أضحت أكثر جاذبية و مشاهدة و  تأنقا...

فخلال كامل شهر دجمبر 2015 و الأيام التي خَلَتْ من شهر يناير 2016 تباري الوزراء في توشيح أكبر عدد من الموظفين و الخُدًامِ العموميين التابعين لقطاعاتهم بأوسمة و ميداليات الاستحقاق الوطني من مختلف الدرجات  و استفسر الموريتانيون عن سبب حِيًازَةِ قطاع الدفاع الوطني قَصَبَ و كأس السبق من خلال العدد الكبير من المُوَشًحِينَ!!

وذات مشاهدة جماعية صدفة لا ترتيبا و تخطيطا "لِحَلَقَةٍ" من مسلسل التوشيح  شملت قطاعين وزاريين حيويين تَسَاءَلْنَا و نحن جماعة من قُدَامَي العارفين بالإدارة العمومية و مصادرها البشرية عن وجاهة توشيح الموظفين المُكَرًمِينَ فأجمعنا علي أنه لا شيئ يُبَرِرُ تكريم الغالبية  منهم باستقراء الظواهر والله وحده المُطًلِعُ علي السرائر.!!

و أضاف بعضنا تخوفه الشديد من تمييع التوشيح بعد أن نجحت "مَصَانِعُ التمييع" في "إذابة" " المكانة المعنوية"  و تمييع  و ابْتِذَالِيًةِ التمثيل الحكومي و الدبلوماسي و البرلماني بحيث  أصبح يحمل أَلْقَابَ و "أَسْفَارَ"الوزير و السفير و البرلماني عندنا  من لو أنصفه "دَهْرُهُ السياسي و الإداري" لما تجاوز عَتَبَةَ مَأمورَ الإدارة و مُلْحَقَ السفارة و وكيل البرلمان.!!

و من الأكيد أن تخوف صاحبنا في محله ذلك أن أَلْسِنَةَ الجميع رَطِبَةٌ من أن التوشيح لم يعد يعني شيئا للمُوًشًحِ و لا المُوَشِحِ و لا "المُوًشًحِ عنه" و لا المُوًشًحُ له ذلك أنه لكثرة عدد المُوًشًحِينَ سنويا  فقد طال التكريم مثلا جميع الموظفين ببعض القطاعات و العمال  غير الدائمين و غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ أن يشمل لاحقا بعض المُراجعين المُدْمِنِينَ و "زوار المكاتب الدائمين".!!

كما لم يَشْفَعْ التوشيحُ للمُوشًحين في الترقية الإدارية و الحظوة السياسية و لم يمنع غير المُوشًحين من الترقية الإدارية الصاروخية غير المستحقة و القيادة المتسلطة للموشًحين من قطاعاتهم كما لم يَعْصِمْ التوشيح بعض الموشًحين من التنحية و الإقالة و الإعفاء  و التشهير و التجريد من المهام بسبب و بلا سبب!!

و في اعتقادي أن التوشيح الإداري  بمثابة "راتب معنوي و رمزي"جليل يُكمل الراتب المالي الزهيد يُمنح للمتميزين من الموظفين العموميين كفاءة و أمانة و تضحية و قوة في الحق و صبرا علي أذي و شَعَثِ و وَعْثَاءِ المسار الإداري و يجب أن يُخضع لمعايير علمية عادلة  قابلة للقياس تَنْفِي عنه شُبُهَاتِ الزًبُونِيًةِ التمييع و المِزَاجِيًةِ،...

و اقتراحي في هذا الصدد أن تُتَخَذَ الإجراءات الإدارية العاجلة لإنقاذ ملف التوشيحات من  غَيَابَاتِ جِبَابِ الابتذالية و التمييع فَيُسْنَدَ إلي لجنة وطنية عليا من الممكن أن تدعي " اللجنة الوطنية للتوشيحات" تتبع لرئاسة الجمهورية و ترأسها شخصية وطنية من الموظفين السامين  المتقاعدين المُتَوَاتَرِ علي كفاءتهم و استقامتهم.

و تضم في عضويتها  ممثلا لرئيس الهيئة العليا للفتوي و المظالم و ممثلا لوسيط الجمهورية و ممثلين اثنين عن  التشكلة النقابية الاكثر تمثيلا للموظفين العموميين و المفتش العام للدولة و المدير العام للوظيفة العمومية و قاضيا منتخبا من طرف زملائه علي أن يتم نشر أعمال التقرير الختامي لأعمال اللجنة كل سنة قصد ترسيخ ثقافة  الشفافية و رقابة المواطن علي الشأن العام.