المأمورية الدستورية لرئيس الجمهورية و تداعياتها الديمقراطية / أحمد ولد محمد أمبارك

اثنين, 03/21/2016 - 08:40

التجربية الدستورية السنغالية مثال يحتذى به في المنطقة ، فبعد نضج الثقافة السياسية في الوسط الشعبوي و الحزبي و الجمعوي ،جاء مشروع القانون الدستوري لتقليص المأمورية الرئاسية من 07 سنوات إلى 05 سنوات  في وقتها المناسب كما جاءت التعديلات الدستورية الموريتانية الأخير لتكريس الديمقراطية و تخليق الحياة السياسية .
فالتجربة الديمقراطية السنغالية أثبتت أن المجتمع السنغالي مجتمع ديمقراطي أصبح قادرا على أن يمارس دورية الانتخابات في فترة اقل  لأن الأحزاب السياسية السنغالية  راكمت تجربة متميزة في هذ المجال.
فالديمقراطية لا تعني الانتخابات فقط ومن يعتبرها كذلك عليه أن يستوعب أن سلامتها من الناحية الفنية تكفي لتقييم مدى نزاهتها  (اللائحة الانتخابية ، البطاقة الموحدة ، بطاقة الناخب،  بطاقة التعريف الوطنية لبيومترية ، تواجد ممثلين عن الأحزاب السياسية في مكاتب التصويت ، إشراك الشباب و النساء  ...هيئة مستقلة للإشراف والمراقبة ، إشراك المنظمات الجمعوية في الرصد و الملاحظة يوم الاقتراع  ) .

  بهذ المفهوم تكون موريتانيا قد راكمت تجربة متميزة في الأخذ بالمعايير المتعارف عليها دوليا في سلامة و نزاهة العملية الإنتخابية، لكن احترام ممارسة الأغلبية للحكم أثناء مأموريتها و ترسيخ دولة الحق و القانون وإحترام مبدأ الدستورية أي أن المواطنين يحترمون الدستور ويرجعون إلى القضاء لحل الخلافات،  أهم من الانتخابات ويبقى مرهون بمدى مشاركة الأحزاب السياسية في نشر الثقافة السياسية العقلانية عن طريق تأطير وتكوين المواطنين دون تجاوز النصوص ، بما في ذلك المشاركة في الانتخابات لأن المقاطعة تعني عدم إحترام  الحزب السياسي  لأهم شروط تأسيسه ، و تخلي الحزب عن تأطير المواطنين يمكن تأطيره في تخليه عن أهم الأهداف التي أنشئ من أجلها و في ذلك خرق صارخ للنصوص القانونية .
ففي ظل انتشار ثقافة سياسية غير عقلانية قائمة على أساس العواطف و العصبيات و الروحانيات و الأوهام وعدم الإيمان بالآخر،لا يمكن أن تكون الديمقراطية هي الانتخابات   فالمجتمع السنغالي تجاوز كل هذه المعوقات و بذلك تكون الانتخابات مصدر أساسي وجوهري في ترسيخ الديمقراطية .   
فنحن نحتاج إلى أن تكون الديمقراطية هي التربية السياسية حتى نتجاوز تلك المعوقات أولا لنستطيع فهم العملية الانتخابية وقدسيتها، فهي كل ما يملك المواطن ، فعلى الأحزاب السياسية أن تركز على إنتاج مجتمع ديمقراطي قبل التركيز على دمقرطة الأنظمة و التربية السياسية تحتاج إلى مأمورية دستورية أطول أما الانتخابات في مجتمع مدني يمكن أن  تمارس في ظل  مأمورية أقل ، وبدون مجتمع مدني لا يكن أن تكون الديمقراطية و تبقى  الأحزاب السياسية و هيئات المجتمع المدني الفاعل الأساسي و المؤثر في الحياة السياسية  .

بقلم : أحمد ولد محمد أمبارك

 أكاديمي وباحث في العلوم القانونية

البريد الالكتروني: [email protected]

الجوال : 22313155 - 46434099