كتاب: يوميات غوانتانامو / للسجين الموريتاني محمدو ولد صلاحي (الحلقات 61-65/ جريدة الأمل الجديد)

خميس, 06/23/2016 - 14:49

مع ان البعوض يمزقني فقد نمت بعمق كنت استيقظ بين الفينة والأخرى واسأل نفسي لماذا لا يحققون معي الآن مباشرة ويفعلون بي ما يشاؤون وينهوا الأمر أكره انتظار التعذيب يقول مثل عربي: انتظار التعذيب أسوأ من التعذيب. استطيع التأكيد على هذا المثل فقط تمكنت من اداء صلواتي بطريقة من الطرق استيقظت مع منتصف الليل على حركة اشخاص كانوا يتحركون من حولي يفتحون ويغلقون الابواب بطريقة غريبة جدا عندما فتح الحارس باب غرفتي لمحت وجه صديق موريتاني شاءت لااقدار ان نكون معا فترة طويلة عندما زرت افغانستان في عام 1992 خلال الكفاح ضد الشيوعية بدا حزينا ومعذبا لابد أن تعذيبا مؤلما قد مورس عليه كدت افقد عقلي لان هذا المصير ينتظرني ايضا فنصيبي من التعذيب لن يكون اقل من نصيبه اذ تربطه علاقة قربى وثيقة مع الرئيس الموريتاني فضلا عن نفوذ اسرته المواصفات التي لا امتلكها حينها قلت لنفسي لابد أن الرجل قد تكلم عني في التحقيق وهذا هو سبب جلبه الى هنا.

انهض قال الحارس ضع عمامتك على وجهك وضعت العمامة القذرة مستجمعا ما تبقى لدي من القوة ثم تبعت الحارس الى غرفة التحقيق كما تقتاد شاة الى مصيرها الحتمي في المسلخ.

عندما قادوني بالقرب من الرجل الذي شاهدته قبل الآن عرفت انه حارس سجن لعدم التزامه بطريقة لبس بزته العسكرية كان نعسان لابد أنهم ايقظوه من نومه ولم يكن قد غسل وجهه بعد لم يكن الصديق الذي ظننته كان القلق والرعب يسيطران على دماغي منذ ذلك الحين رحماك يا رب الآن ارتحت قليلا هل ارتكبت جريمة؟ كلا هل ارتكب صديقي جريمة؟ كلا هل تآمرنا لارتكاب جريمة؟ كلا الشيء الوحيد الذي قمنا به معا هو القيام برحلة مشتركة الى افغانستان في يناير 1992 لنساعد الناس في القتال ضد الشيوعية وبقدر ما يتعلق الأمر بي لا يعتبر ذلك جريمة على الاقل في موريتانيا.

اذا لماذا انا خائف؟ لان الجريمة شيء نسبي تعرفه الحكومة بطريقة ما ثم تعود لتعرفه على نحو مختلف لا يعرف اغلبية الناس الخط الفاصل بين تجاوز القانون من عدمه واذا ما تم اعتقالك يصبح الوضع اسوأ لان الناس يصدقون الحكومة ويقولون: لو لم يكن هناك مبرر قوي لما اعتقل واذا كان لابد من المعاناة فانني لا أريد أن يعاني معي احد لتكن المعاناة من نصيبي وحدي فكرت بانهم اعتقلوا صديقي بخصوص قضية مؤامرة الالفية وليس لانه كان في افغانستان ذات يوم.

دخلت غرفة التحقيق ولم تكن سوى غرفة مدير دائرة الاستخبارات الموريتانية كانت الغرفة واسعة ومؤثثة على نحو جيد اريكة جلدية وكرسيان مزدوجان ومنضدة وخزانة ومقعد كبير وكرسي جلدي وزوج آخر من الكراسي للضيوف غير المهمين وكالعادة دائما صورة الرئيس معلقة التي تنقل ضعف القانون وقوة الحكومة.

تمنيت لو أنهم عادوا وسلموني للولايات المتحدة فعلى الاقل توجد اشياء استطيع الاشارة اليها هناك كالقانون على سبيل المثال مع انه في الآونة الأخيرة بدأت الحكومة والسياسة في الولايات المتحدة تتعززان أكثر فاكثر على حساب القانون. الحكومة ذكية للغاية انها تثير الارهاب في قلوب الناس لتقنعهم بأن يتخلوا عن حريتهم وخصوصيتهم. مازالت الحكومة الأمريكية تحتاج الى بعض الوقت لتطيح بالقانون بشكل كامل كما في العالم الثالث والانظمة الشيوعية ولكن ذلك لا يشكل عندي أي نوع من الاهتمام ثم ان الحكومة في بلدي والحمد لله لا تمتلك التقنيات اللازمة لتعقب البدو في الصحراء المترامية الاطراف.

كان هناك ثلاثة رجال في الغرفة مدير دائرة الاستخبارات ومساعده وكاتبه طلب منهم مدير الدائرة ان يجلبوا اشيائي الى داخل الغرفة اخذوا يفتشون اشيائي بشكل دقيق لم يبق شيء في محله لم يتحدثوا الي اقتصر كلامهم مع بعضهم البعض ومعظمه كان همسا لا لشيء سوى فتح باب الجحيم علي انزعاجا وفي نهاية التفتيش رتبوا اوراقي ووضعوا الاوراق التي اعتقدوا انها تهمهم جانبا وفيما بعد سألواني عن كل كلمة واردة في تلك الاوراق.

أنا الذي ساحقق معك اريد ان احذرك مسبقا بان تقول كل الحقيقة عن حياتك وكيف التحقت بالحركة الاسلامية. قال مدير دائرة الاستخبارات بحزم باذلا جهدا كبيرا ليبعد شفته عن غليونه.

بالتأكيد سأفعل. أجبت.

أمر رئيس دائرة الاستخبارات بجفاء اعيدوه ثم كرر والحراس يجرونني بعيدا عن البعوض ليدخلوني غرفة التحقيق اسمع اريد ان تقول كل شيء عن حياتك وكيف اصبحت بين صفوف الحركة الاسلامية.

حين تعتقل للمرة الأولى تكون لديك فرص لعدم اعطاء معلومات لا بأس بهذا ومع ذلك تعرف بانك لم ترتكب اية جريمة وهذا يبدو معقولا تكون مشوشا جدا وتريد أن تظهر نفسك قدر ما تستطيع بانك بريء تفترض أنك اعتقلت على اساس اشتباه وجيه وانت لا تريد تعزيز ذلك الاشتباه باي حال والاكثر من هذا يشمل التحقيق الكثير من الامور التي لا يريد أحد أن يذكرها مثل اصدقائك وحياتك الخاصة وخصوصا اذا ما كانت الشكوك تتعلق بقضايا الارهاب حينها تكون الحكومة قاسية للغاية تتفادى في التحقيق الحديث عن اصدقائك وحياتك الحميمية الخاصة واخيرا تكون محبطا جدا بسبب اعتقالك ولا تكون مدينا باي شيء للمحققين على العكس من هذا هم مدينون لك باظهار السبب الحقيقي لحجزك ومن ثم يتوقف كل الأمر عليك فاما ان تنكره أو تثبته عليك واذا كان هذا السبب كافيا لسجنك فبامكانك المطالبة بتمثيل مهني وان لم يكن السبب كافيا فان اعتقالك كان من المفترض ألا يتم منذ البداية هذا ما يعمل به العالم المتحضر وما عدا ذلك فهو ديكتاتورية الديكتاتورية تحكمها الفوضى.

لأكن صريحا معكم لقد تصرفت كانسان عادي حاولت قدر ما استطعت أن ابدو بريئا كطفل حالوت حجماية هويات كل الذين اعرفهم سواء أكان الشخص معروفا أم لم يكن معروفا من قبل الشرطة استمرت التحقيقات على هذا النحو حتى فتحوا الملف الكندي عندئذ ساءت الأمور بلا جدال.

وجدت الحكومة الامريكية في اعتقالي وتسليمي لموريتانيا فرصة استثنائية للكشف عن خطة احمد رسام الذي كان يرفض آنذاك التعاون مع السلطات الأمريكية فضلا عن ان الولايات المتحدة كانت تريد أن تعرف بالتفصيل عن اصدقائي في كندا والمانيا وحتى خارج ذينك البلدين ناهيكم عن ان ابن عمي و..................................

..... كانا مطلوبين من قبل الولايات المتحدة بمكافأة مالية قدرها خمسة ملايين دولار كما ان الولايات المتحدة كانت تريد معرفة كل شاردة وواردة كخدمة مجانية عن قضية الجهادج في افغانستان والبوسنة والشيشان وللاسباب آنفة الذكر ولأسباب اخرى أجهلها دفعت الولايات المتحدة بقضيتي الى اقصى ما يمكن لقد سموني العقل المدبر لمؤامرة الالفية وطلبوا من كل بلدان العالم تقديم أي نوع من المعلومات عني مهما كانت صغيرة وخاصة كندا والمانيا وبما اني شخص سيء مسبقا فان القوة يجب أن تطبق لشوائي.

ولرعب حكومة الولايات المتحدة لم تبد الأمور كما ارادت ولم تحقق ما كانت تريد فمهما كانت خطط أي كان تتسم بالذكاء فان خطة الله تجترح المعجزات دائما شعرت انني ضد العالم وكأني.... وهاكم السبب: ان كل ما توصلت اليه كندا كان رأيناه مع فلان وفلان وهم اشخاص سيئون رأيناه في هذا المسجد وذاك المسجد راقبنا مكالماته الهاتفية ولكن في الواقع لا يوجد فيها شيء لقد طلب الامريكيون من الكنديين أن يقدموا لهم البيانات المتعلقة بمكالماتي الهاتفية ولكن بعدما قاموا بتحريرها وهذا بالطبع لن يفيدهم لان المكالمات اضحت مقاطع مختلفة مختارة من هنا وهناك ولا تفيد باي معنى مع انهم يحالون ان يحصلوا على معنى لها اعتقد أن الكنديين قاموا باحد امرين اما انهم رفضوا تقديم المكالمات الخاصة التي تجري في بلدهم للولايات المتحدة او انهم قدموا كل تلك المكالمات غير مترجمة حتى.

وبعيدا عن المكالمات اختار الكنديون المشاركة مع زملائهم الامريكيين وراح المحققون الامريكيون يتعلقون بكلمتين لمدة اربع سنوات وهما كلمتا الشاي والسكر.

ماذا تعني بالشاي والسكر؟

اعني بهما الشاي والسكر.

لا استطيع ان اخبركم عن عدد المرات التي سألتني فيها الولايات المتحدة عنهما وجعلت الآخرين يسألونني هذا السؤال. ثمة حكاية فولكلورية موريتانية أخرى تدور حول رجل ولد ضريرا وقد امتلك فرصة وحيدة ليلمح فيها العالم لكن كل ما رآه كان جرذا ومنذ ذلك الحين كلما اراد شخص أن يشرح شيئا للاعمى كان يسأله: قارنه بالجرذ هل هو اكبر ام اصغر؟

ارادت الاستخبارات الكندية أن اكون مجرما وهكذا سيعوضون فشلهم عندما تسلل عبر حدود بلدهم الى الولايات المتحدة حاملا المتفجرات.

لامت امريكا جارتها كندا على ان اراضيها اصبحت قاعدة للتحضيرات الارهابية ضد الولايات المتحدة وهذا كان السبب وراء هلع الاستخبارات الكندية لقد فقدوا رابطة جأشهم كليا محاولين باقصى ما لديهم تهدئة غضب الأخ الكبير امريكا لهذا بدأوا بمراقبة الناس الذين ساد الاعتقاد عنهم بانهم اشرار وانا كنت واحدا من بينهم اتذكر بعد المؤامرة .............................. حاول الكنديون زرع التي تصوير احداهما في غرفتي والأخرى في غرفة صديقي للتجسس علينا سمعت اصواتا لكني لم استطع تمييزها كوني من اصحاب النوم الثقيل او دعوني اقل انني لم اجد الهمة الكافية لاستيقظ واستكشف الامر اما صديقي ..................................... فكان مختلفا عني فقد استيقظ على الضجيج وركن منخفضا وعندما فحص بعينيه وقعت عينه مباشرة على ................................

ايقظني ......................... واخبرني القصة فقلت له سمعت الاصوات نفسها في غرفتي يا ............................ دعنا نلقي نظرة كان تحقيقنا القصير في الامر ناجحا.

ماذا سنفعل؟ سأل .........................

نتصل بالشرطة قلت له.

حسنا اتصل بهم قال ..................

لم استخدم عن قصد هاتفنا بلدخرجت واستخدمت هاتفا عموميا واتصلت بالرقم 911 وصل شرطيان بعدحين وشرحت لهما كيف ان جارنا فتح ثقبا في جدار دارنا دون موافقتنا لهذا نطالبكم بسجنه على هذا التصرف غير القانوني بحقنا كان طلبنا قانونيا في الاساس.

حينها قال احد الشرطيين:

سدوا الثقبين وينتهي الموضوع.

حقا لم أكن اعرف ذلك. هل انت نجار؟ كان ذلك جوابي ثم قلت انظروا لقد اتصلت بكم لا لتعطوني النصائح كيف اصلح بيتي. هناك جريمة واضحة الا وهي التجاوز والاعتداء على خصوصيتنا اذا لم تتولوا الأمر سنضطر لتولي الأمر بانفسنا وبالمناسبة أريد هويتيكما.

أبرزا هويتيهما بصمت حيث كانت تحمل الاسم على وجه ومعلومات التصال على الوجه الآخر من الواضح ان هذين الشرطيين كانا يسلكان بعض التوجيهات الحمقاء بغية خداعنا ولكن كان الوقت متأخرا جدا للاستخبارات الكندية بقينا لايام نستهزئ بالخطة والغريب في الأمر بل المفارقة انني عشت اثني عشر عاما في المانيا وخلال هذه الفترة كلها لم يقدم الألمان اية معلومات تفيد بتورطي بجرم وهذا بالطبع مؤكد بينما اقمت مدة اقل من شهرين في كندا ومع ذلك يزعم الأميركان أن الكنديين زودوهم باطنان من المعلومات عني الكنديون لا يعرفونني حتى ولكن طالما أن مجمل العمل الاستخباراتي قائم على اساس التكهنات فقد بدأ الموريتانيون والأمريكيون بتفسير المعلومات كما يطيب لعم لكي يثبتوا النظرية القائلة بانني العقل المدبر لمؤامرة الالفية.

يبدو ان التحقيق سار في غير صالحي. بقيت أكرر قصة جهادي في افغانستان في عام 1991 واوائل عام 1992 ولكن يبدو أن المحقق الموريتاني لم يتأثر بها لم تدن موريتانيا رحلتي الى افغانستان انهم يفهمونها على نحو جيد ولكن اذا ما قمت باية مشكلة داخل البلد ستعتقل بغض النظر عما اذا كنت في افغانستان ام لم تكن ومن جة اخرى فان مجرد ذهابك الى افغانستان والبوسنه والشيشان يكفي للولايات المتحدة ان تراقبك مدى الحياة وتقفل عليك الابواب تنظر جميع البلدان العربية الى القضية كموريتانيا ما عدا الدول العربية الشيوعية فحتى الدول العربية الشيوعية اكثر عدلا من الولايات المتحدة فيما يخص هذا الموضوع لانها تمنع مواطنيها من الذهاب الى الجهاد اصلا في حين تضطهد الولايات المتحدة الناس على اساس قانون غير مكتوب كان محققي الموريتاني مهتما بنشاطاتي في كندا تلك التي لا تنطبق عليها صفة الجريمة من أي نوع ولكن أحدا لا يصدقني عن طيب خاطر فجميع اجوبتي على السؤال: هل عملت كذا وكذا عندما كنت في كندا؟ كانت لا لا لا لا لقد علقت هناك اعتقد أنني بدوت مذنبا لاني لم ارو قصتي كلها حول افغانستان لذا ارتأيت أن أملأ تلك الفجوة حتى تبدو قضيتي أقوى جلب المحقق معه جهاا للتصوي ذاك اليوم وما ان رأيته حتى بدأت ارتعد عرفت انهم سيجعلونني اعترف ومن ثم يذيعون اعترافي على التلفزيونالوطني مثلما حدث في اكتوبر 1994 عندما اعتقلت الحكومة الموريتانية نشطاء اسلاميين وجعلتهم يعترفون ومن ثم اذاعت اعترافاتهم كنت مرعوبا للغاية الى درجة أن قدمي لن تحملانني بامكان المرء ان يستنتج أن هناك ضغطا كبيرا على حكومتي. وفجأة قال لي المحقق لقد كنت صبورا جدا معك ايها الول يجب أن تعترف والا تركتك مع الفريق الخاص عرفت انه يقصد فريق التعذيب واضاف تأتينا التقارير يوميا من كل حدب وصوب في الايام التي سبق هذا الكلام لم استطع النوع كانت الابواب تفتح وتغلق باستمرار انا اتأثر بالحركة من حولي كثيرا كانت غرفتي قريبة من غرفة الارشيف ومن خلال ثقب صغير استطعت رؤية بعض الملفات وتسمياتها اصابني الهذيان وبدأت اقرأ الأوراق علني أجد شيئا عني ولكني لم اجد شيئا لا استطيع تحمل المزيد والتعذيب مستحيل.

قلت ايها المدير لم اكن صادقا معك تماما وأريد أن اروي قصتي كاملة ولكن لا اريدك أن تشارك الولايات المتحدة قصتي في افغانستان لانهم لا يفهمون هذه الوصفة الجهادية اطلاقا وانا لست مستعدا لصب الزيت على النار.

فكان رد المدير الاستخبارات طبعا لن اشاركهم ان المحققين معتادون على الكذب على الناس فعمل المحقق كله ليس الا مزيدا من الكذب والتشاطر والخداع ثم اردف حتى انني استطيع صرف كاتبي ومعاوني ايضا اذا اردت لا لا يهمني وجودهم معنا حينئذ نادى مدير دائرة الاستخبارات سائقه وارسله ليشتري بعض الطعام جلب سلطة بالفروج احببتها كانت وجبتي الاولى منذ ان غادرت السينغال كان التاريخ الآن هو الثاني عشر من فبراير عام 2000.

هل ذلك كل اكلك؟ سأل المدير.

نعم شبعت.

انت لا تأكل كثيرا.

هذه هي عادتي في الأكل.

بعد هذا الحوار بدأت بسرد قصة جهادي بالكامل وبالتفاصيل المملة اما بالنسبة لكندا أو الهجوم ضد الولايات المتحدة فليست لي علاقة لا من قريب ولا من بعيد انهيت قصتي بهذه الجملة وفي الايام التالية لهذا اللقاء تحسنت معاملتهم لي وتحسن الطعام ايضا بشكل لا يقارن عما سبق.

كانت أجوبتي عن اسئلته متماسكة ومنسجمة مع المعلومات التي كانت بحوزته من قبل من مصادر أخرى وعندما تيقن مدير الاستخبارات بأنني اقول له الحقيقة تخلى عن تصديق ان تكون التقارير الأمريكية حقائق من الانجيل وعلى الارجح وضعها جانبا ان لم يكن في سلة النفايات.

ظهر ................................ للتحقيق معي كانوا ثلاثة ............................................................................................................................................... من الواضح أن السلطات الموريتانية قد اطلعت على كل مقابلاتي لذا فان .................................... والموريتانيين كانوا يمتلكون المعلومات نفسها.

عندما وصل الفريق تم استضافتهم في ............................. واحاطوني علما باليوم الذي سيأتون للتحقيق معي.

يا محمدو لا شيء ضدك من جهتنا انت رجل حر ولكن هؤلاء الاشخاص يريدون التحقيق معك اريدك أن تكون قويا وان تكون صادقا معهم اخبرني المدير.

كيف تسمح للاجابن باستجوابي؟

انه ليس قراري ولكن الأمر شكلي قال.

كنت خائفا جدا لأنني لم يسبق لي ان قابلت محققيأمريكيين ومع ذلك تصورت انهم لن يلجأوا الى التعذيب لانتزاع المعلومات ولكن مجمل المناخ جعلني شكاكا تجاه صدقية وانسانية محققي الولايات المتحدة وكأنهم يقولون لي: لن نعذبك بانفسنا ولكنك تعرف أي انت لذا عرفت ان ...................... ارادوا أن يحققوا معي تحت ضغط وتهديد بلد غير ديمقراطي.

هيئ الجو وأخبرت ماذا البس وماذا اقول لم اجد الفرصة ابدا لأخذ دوش أو لغسل ملابسي لبست بعض ملابسي المتسخة لابد أن رائحتي كانت تزكم الأنوف فقد أصابني الضعف والهزال من الحجز في السجن الى درجة أن ثيابي لم تكن تناسبني ظهرت كمراهق في سروال فضفاض ككيس لكني حاولت قدر استطاعتي أن ابدو مرتاحا وودودا وعاديا.

وصل ................................................. حوالي الساعة الثامنة مساء وقد نظفت غرفة التحقيق من أجلهم دخلت الغرفة مبتسما بعد أداء التحيات الديبلوماسية والتعارف جلست على كرسي قاس جاهدا لالتقاط معالم عالمي الجديد.

بدأ ........................ بالكلام جئنا من الولايات المتحدة لنسألك بعض الاسئلة لك الحق في ان تبقى صامتا بامكانك ايضا أن تجيب عن بعض الاسئلة وتترك الاجابة عن الأخرى لو كنا في الولايات لكنا وكلنا لك محاميا مجانيا.

كدت أقاطع هراءه واقول: توقف عن هذا الهراء واسألني اسئلتك يا له من عالم متحضر كان في الغرفة فقط المحققون.......................مع مترجم عربي كان المحققون الموريتانيون قد خرجوا من الغرفة.

شكرا جزيلا لا احتاج أي محام قلت.

ولكن نريد أن تجيب عن اسئلتنا.

بالطبع سأجيب.

بدأ بالسؤال الأول عن رحلتي الى افغانستان خلال فترة الحرب ضد الشيوعية وأظهروا لي مجموعة من الصور وسألوني اسئلة حول كندا لكني بالكاد سألوني عن المانيا فيم يخص الصور وكندا كنت صادقا تماما لكني امتنعت عن قول معلومات حول رحلتي الى افغانستان في يناير 1991 وفبراير 1992 لابد أنكم تعرفون السبب وراء تكتمي على تلك المعلومات اذ ليس من الضروري ان تعرف الولايات المتحدة كيف ساعدت اخواني الافغان ضد الشيوعيين لوجه بطرس الرسول كان من المفترض أن تكون الولايات المتحدة الى جانبنا وعندما انتهت تلك الحرب عدت وتابعت حياتي كالمعتاد لم أخرق أي قانون موريتاني أو الماني ذهبت الى افغانستان بشكل قانوني ثم عدت اما بالنسبة للولايات المتحدة فانا لست مواطنا امريكيا ولم ازرها قط من قبل لذا فاي قانون يمكن خرقه من قبلي؟ سيكون مفهوما لي لو كنت دخلت الولايات المتحدة واعتقلوني لاشتباه منطقي عندها كنت سأضطر لشرح حقيقة وضعي بالكامل لهم.

وماذا عن كندا حسنا لقد امتحنوني بما فيه الكفاية خلال فترة وجودي في كندا لان عربيا حاول ان يهاجمهم من كندا شرحت بالادلة القاطعة بانني لست جزءا من ذلك الهجوم والآن انقلعوا واتركوني وشأني.

اخبرني المحققون .......................................... باني لست صادقا كلا كنت صادقا كذبت الجميل في الأمر أنني لم اعترف بما كانوا يتوقعون ظل ........................................ يكتب أجوبتي وينظر الي في الوقت ذاته تساءلت كيف استطيع ان يقوم بالعملين في آن واحد؟ فيما بعد علمت ان المحققين .................................. يدرسون حركاتك وأنت تتكلم يا له من امر سخيف!

ثمة عوامل مختلفة تدخل في عملية التحقيق وهذه العوامل تختلف من ثقافة الى أخرى بما ان ....................... يعرف قضيتي بالكامل الآن فقد اقترحت ان يعود ............................ ويدقق في النقاط التي وضعوا علامة عندها دلالة على عدم صدقي حتى يكتشف مدى كفاءته لقد تجاوز المحققون الامريكيون ايضا حدود واجبهم وعملوا ما يمكن أن يعمله أي محقق آخر فقد راحوا يسألونني عن السودان ونيروبي ودار السلام كيف لي ان اعرف عن هذه البلدان ما لم تكن لي ارواح عديدة؟

عرض .......................... علي ان اعمل معهم اعتقد ان عرضهم سيكون عبثا ما لم يكونوا متأكدين تماما بأنني مجرم لست شرطيا ولكنني أعرف كيف يمكن أن يندم المجرمون شخصيا لم افعل شيئا اندم عليه في اليوم التالي وفي الوقت نفسه ظهر .......................... مرة أخرى محاولا ان يحصل على الاقل على المعلومات التي ادليت بها للموريتانيين لكنهم لم يستطيعوا اقناعي الا ان السلطات الموريتانية اعطتهم كل شيء في حينه لم يضغط ....................... علي ابية طريقة منافية للمدنية تماما مثل ام عمر وحمارها غادر .................................................. انواكشوط وتم الافراج عني.

هؤلاء الرجال ليس لديهم دليل من أي نوع قال مدير مكتب الاستخبارات الموريتانية بشيء من الحزن شعر تماما بسوء المعاملة لا يريد الموريتانيون ان يسلموني اليهم لانها قضية عديمة الفائدة واذا ما وجدوني مذنبا وسلموني الي الولايات المتحدة عندئذ سيواجهون غضب الشعب وان لم اكن مذنبا عندها سيواجهون غضب الحكومة الامريكية وفي كلتا الحالتين سيفقد الرئيس منصبه.

ان قضية كهذه لا تتم تحت الطاولة.

لم نجد شيئا عليه ندينه به وانتم لم تقدموا لنا دليلا هذا ما يجب أن يكون ما قاله السينغاليون والحالة هذه فاننا لا نستطيع سجنه ولكن اذا ما كنتم تريدون اخذه فخذوه.

كلا لا نستطيع اخذه يجب أن يكون لدينا دليل عليه اولا تجيب الحكومة الامريكية.

حسنا لا نريد ان نفعل شيئا به قال السينغاليون.

سلموه إلى موريتانيا اقترحت الحكومة الأمريكية.

كلا لا نريده خذوه انتم ردت الحكومة الموريتانية.

يجب أن تأخذوه انتم قالت الحكومة الأمريكية دون أن تترك خيارا لها ولكن الحكومة الموريتانية تريد دائما ان تحافظ على السلم بين الحكومة والشعب لا يريدون اثارة المشاكل.

انت حر تستطيع الذهاب قال مدير مكتب الاستخبارات.

هل كان يجب أن اعطيه كل شيء؟

نعم كل شيء أجاب المدير حتى انه طلب مني أن اتفقد ممتلكاتي مرتين ولكن ابتهاجي منعني من القيام باي شيء شعرت كما لو أن غول الخوف قد زال عن صدري.

شكرا جزيلا قلت له طلب المدير الى معاونه وكاتبه ان يقلاني بالسيارة الى بيتي كانت الساعة تشير الى الثانية بعد الظهر عندما انطلقت السيارة نحو بيتي.

يستحسن الا تتكلم مع الصحفيين قال المفتش.

نعم لن اتكلم حقا لن انشر ابدا فضيحة انتهاك محققين اجانب لسيادة وطني شعرت بخيبة امل وانا أكذب عليهم.

هيا لقد شاهدنا .......................................... يا الهي هؤلاء الصحفيون سحرة.

ربما كانوا يستمعون الى تحقيقي قلتها غير مقتنع.

حاولت ان اعرف طريقي الى داري ولكن صدقوني لم اعرف أي شيء حتى وقفت سيارة الشرطة امام بيتنا وانزلوني هناك كان قد اصبح سبع سنوات منذ آخر لقاء مع اسرتي لقد تغير كل شيء اصبح الصغار رجالا ونساء والشباب تقدم بهم العمر ووالدتي القوية قد ضعفت ومع ذلك كانت السعادة من نصيب الجميع اختي وزوجتي السابقة بالكاد كانتا تنامان في الليل كانتا تصليان من أجلي حتى يخفف الله من آلامي ومعاناتي لقد كافأ الله كل شخص وقف معي كان الجميع من حولي عمتي واصهاري واصدقائي قامت اسرتي بواجبها بكرم في اطعام الزائرين جاء البعض فقط من اجل تهنئتي والبعض الآخر لاجراء المقابلات معي والبعض فقط ليتعرفوا الى الرجل الذي اشتهر في الاعلام في الشهر الماضي.

بعد بضعة ايام كنت انا واسرتي نضع الخطط من اجل مستقبلي لاختصر عليكم القصة ارادت اسرتي أن ابقى في البلد ليتمكنوا من رؤيتي يوميا ويستمتعوا بصحبتي. وقلت لنفسي ليكن ذلك وجدت عملا وشاهدت الفرح على وجه امي الجميل كل صباح لكن السعادة لا تدوم الى الابد.

...... يتواصل

نقلا عن يومية الامل الجديد