كتاب: يوميات غوانتانامو / للسجين الموريتاني محمدو ولد صلاحي (الحلقات 71-75/ جريدة الأمل الجديد)

أربعاء, 07/27/2016 - 14:22

وجدني ميكانيكي من الكراج ان انبوب البنزين الموصول بالكرباتور مكسور وقام بتصليحه في موريتانيا الناس يصلحون كل شيء في حين يستبدل الناس كل شي في المانيا طلب مني الميكانيكي اكثر مما توقعت لذا اضطررت ان ادخل في مساومة معه الامر الذي امقته حتى اعطيه المبلغ الذي اتفقنا عليه اكثر ما احبه في المانيا هو انك لا تحتاج ان تساوم احدا على السعر كل شيء سعره عليه قد تكون اخرس ومع ذلك يتم التعامل معك بعدالة المساومة في معظم الاوقات تضر بصاحبها شخصيا اريد سعرا عادلا للطرفين الامر الذي سيسعدهما حينما وصلت بيت والدتي حوالي الرابعة مساء لم يكن هناك سوى .................. واختي .................................... وكلتاهما كانتا نائمتين كانت والدتي خارج البيت لتجمع غنمها المبعثر وكان وقت اطعامها دخلت البيت ولبست برنس الحمام وفي طريقي الى الحمام رأيت امي ورجلين من البوليس السري يدخلان البيت في وقت واحد.

صلاحي المدير العام يريد رؤيتك.

لماذا؟

لا نعرف قال احد الرجلين.

حسنا سأستحم سريعا وابدل ملابسي.

حسنا سننتظرك خارج البيت قال الرجل وخرجا من الدار.

تحترمني الشرطة السرية كثيرا منذ ان ذهبت اليهم طواعية قبل اسبوعين فهم يدركون انني لست من النوع الذي يفر لقد كنت تحت الاقامة الجبرية فعليا منذ عام 2000 ولكن كان بوسعي الهروب من البلد في أي وقت لكني لم افعل وليس لدي داع للقيام بذلك.

استحممت وبدلت ملابسي اثناء ذلك استيقظت عمتي على صوت حركتي اختي لم تستيقظ على حد علمي وهذا كان جيدا لانني كنت مشغولا بها وبالقلق الشديد الذي كانت تعانيه.

قالت والدتي ببراءة:

اعتقد ان الشرطة استدعتك لانك اشتريت تلفزيونا جديدا وهم لا يريدونك ان تشاهد التلفزيون اليس كذلك؟

لا اعتقد ذلك ولكن كل شيء سيكون على ما يرام قلت لها مبتسما.

كانت والدتي تشير الى الهوائي الذي نصبته ليلة امس للحصول على استقبال افضل للبث التلفزيوني والمفارقة هي ان ........................ كان من بين الذين ساعدوني على نصب الهوائي.

عندما كنت في السجن قبل شهر طلب مني ان اجد له عملا لان راتبه الذي يتلقاه في عمل كشرطي راتب بائس وعدته ان اسعى له بعمل وفي الوقت ذاته طلبت منه ان يسدي لي خدمة وهي ان يساعدني في نصب الهوائي ودفعت له مبلغا جيدا لقاء تلك الخدمة تلك كانت الطريقة الوحيدة لرجل مثله ليكسب لقمة عيشه ساعدته في ايجاد العمل واحيانا كنا نقضي الوقت في بيتنا ونحن نحتسي الشاي ونطلق النكات.

لم اجئ بك الى بيتي حتى تعتقلني قلت مازحا.

ارجو الا تعتقل ابدا قال ..............................

بيت والدتي يحاذي بيت اخي يفصل بينهما جدار منخفض كنت استطيع القفز ببساطة الى بيت اخي والهرب من بابه المؤدي الى شارع آخر واحرزوا ماذا لن يكون بمقدورهم ايجادي ليس فقط بسبب عدد الذين سيؤذونني ويخفونني عن الانظار بل ايضا لان عملاء الشرطة لن يكونوا انئذ مهتمين بالبحث عني حتى اني اعتقد ان الحكومة ستكون اسعد وستقول للولايات المتحدة لقد هرب لا نستطيع ان نجد له اثرا.

ايها القارئ العزيز يجب ان تعرف انه ليس بالامر السهل ان يسلم بلد ما مواطنيه الى بلد آخر.

تمنى الرئيس لو لم يسلمني اتساءل لماذا لان الثمن كان غاليا ببساطة فقد فقد منصبه كرئيس اتفهم لو ان الولايات المتحدة اعتقلتني في افغانستان واخذتني الى غوانتانامو لسبب ما حينئذ لما وقع اللوم على حكومتي لانني اخترت بنفسي الذهاب الى افغانستان ولكن اختطافي من بيتي وفي بلدي وتسليمي الى الولايات المتحدة هو انتهاك للدستور الموريتاني وللاتفاقيات والقوانين الدولية المعتادة وهذا امر مشين كان من الضروري أن تطالب موريتانيا الولايات بان تقدم الدليل على ادانة بجرم وهو ادليل الذي يستحيل ان تقدمه لان ما من دليل لديهم مطلقا وحتى لو قدمت الولايات المتحدة الدليل كان من المفترض ان تحاكمني الحكومة حسب قانون الجريمة الموريتاني وفي موريتانيا تماما مثلما فعلت المانيا مع مواطنيها المشتبه بتورطهم في هجمات الحادي عشر من سبتمبر ومن جهة اخرى لو قالت الولايات المتحدة ليس لدينا دليل حينئذ يجب أن يكون رد فعلهم على امريكا شيئا من قبيل تبا لكم ولكن للاسف لم يحدث شيء من هذا لا تفهموني خطأ فانا رغم ذلك لا الوم الولايات المتحدة بقدر ما الوم حكومتي.

من الواضح ان الشرطة السرية كانت تريدني ان اهرب وخاصة الشرطي .....................................ولكنني اردت ان تسير الامور على نحو طبيعي ناهيكم عن ان الحكومة نفسها اكدت لاسرتي عدم وجود أي شيء ضدي لهذا كانت اسرتي تريدني ان اذهب الى الشرطة كلما طلبوا ذلك والامر المضحك هو ان الشرطة السرية في البلدان العربية عناصرها معروفون لعامة الناس اكثر من الشرطة النظامية.

اعتقد ان البلدان العربية مدعوة الى ان التفكير بتسمية جديدة لها واقترح ان تكون الشرطة الاكثر بروزا.

عندما خرجت من البيت مع والدتي وعمتي وجدت اربعة عناصر من الشرطة السرية في انتظاري ظلت والدتي رابطة الجأش وبدأت تصلي من اجلي باستخدام اصابعها اما عمتي فكانت المرة الأولى التي ترى فيها شخصا يؤخذ من قبل الشرطة لذا اصيبت المسكينة بالشلل ولم تصدر عنها كلمة واحدة بدأت تتعرق بغزارة وتتمتم ببعض الصلوات ظلت عيون الاثنتين محدقة بي انه العجز بعينه عندما تشاهد فلذة كبدك يبعد عنك كحلم ولا تستطيع ان تحرك ساكنا والشيء ذاته ينطبق علي ايضا فقد ظللت ارنو الى الاثنتين امي وعمتي واصلي لهما في قلبي حتى انعطفنا عند اول شارع واختفت امي وعمتي العزيزتين عن الانظار.

اهتم بنفسك نأمل ان يكون بمقدورك ان تعود للبيت قال احدهما.

ربما يسألك المدير العام بعض الاسئلة.

جلس .......................................... على الكرسي الامامي في مقدمة السيارة وهو يتقطع حزنا وقال:

صلاحي تمنيت لو لم اكن جزءا من هذه القذارة.

لم ارد بقيت اتبع سيارة الشرطة المتجهة نحو السجن السري المشهور لقد سجنت مرتين في ذلك السجن الخارج عن القانون ولم يجعلني احبه بل كرهت البناء وكرهت الظلام والغرفة القذرة وكرهت المرحاض القذر كرهت كل شيء يتعلق به وبشكل خاص الرعب الدائم فيه.

كان المفتش يبحث عنك باكرا هذا الصباح ان مدير مكتب الاستخبارات في رحلة الى اسبانيا وقد سألنا المفتش من لديه رقم هاتفك لكني لم اقل شيئا مع ان رقم هاتفك عندي حاول ....................................... ان يظهر انه افضل من غيره.

والشخص الآخر الذي كان لديه رقم هاتفي كان مدير الاستخبارات ومن الواضح انه لم يعطه لأحد.

ها قد وصلنا الى بوابة السجن البغيض كان الـ.......................... في مكتبه وكان يرمقني بابتسامته الكاذبة سرعان ما حولها الى تهجم.

ليس لدينا رقم هاتفك والمدير في رحلة سيعود في غضون ثلاثة ايام سنبقيك عندما في السجن ريثما يعود.

قلت له محبطا وغاضبا وخصوصا الرجل الملم بخيوط قضيتي ليس في البلد:

لماذا؟ لقد بت اسأم من الاعتقال المتكرر دون سبب ما تريدون مني؟ لقد اطلقت سراحي للتو.

لماذا انت خائف بهذا القدر؟ لم اكن اعرف انك جبان الى هذا الحد؟ قال الـ..........................

مهلا لقد اعتقلتموني بعد الحادي عشر من سبتمبر وجاء محققو الولايات المتحدة الى هنا وحققوا معي ومن ثم بعد ما تأكدتم من براءتي اطلقتم سراحي اتفهم نوعا ما الاعتقالات التي تمت بالجملة بعد الحادي عش من سبتمبر ولكن الاعتقال الآن ليس في محله باي حال.

سيكون كل شيء على ما يرام اعطني رقم هاتفك الخلوي كذب المفتش علي مبديا على وجهه ابتسامته المتصنعة المعهودة لم يكن لدي ..................... من المعلومات ما يكفي حول اعتقالي حسب علمي لان الحكومة لم تشارك احدا في معلوماتها ولا اعتقد ان الحكومة الموريتانية توصلت الى قرار حول قضيتي والرجل الرئيسي .............................................. مسافر وبدونه لا يمكن ان يتخذ قرار ما يعرفه ............................... واعرفه انا هو ان الولايات المتحدة قد طلبت من الرئيس الموريتاني آنذاك ان يسجنني وان الرئيس الموريتاني بدوره طلب من المدير العام للشرطة الوطنية الرئيس الحالي للبلاد ان يعتقلني وبدوره امر عناصره بقيادة المفتش ليسجنوني باحتقار.

ولكن اعتقد ان الولايات المتحدة لم تكن تخفي ما تريده كانت تريدني بصورة اساسية في الاردن لذا كان هناك شخصان ................................................................ يعرفان بالخطة وهما: الرئيس الموريتاني ومدير الاستخبارات ولكن بما ان الولايات المتحدة كانت تلح في طلباتها الكثيرة من حلفائها فقد كانت الحكومة الموريتانية تحتاج وقتا للاستيعاب والتشاور.

ان تسليمي الى الاردن يفتح لها ملفات خطيرة واولى هذه القضايا هي خرق الدستور في الوقت الذي يتمسك به الرئيس الموريتاني كخيط من شبكة العنكبوت للبقاء في مكتبه كرئيس واي مشكلة من شأنها ان تهز اركان حكمه بقوة لم تطلب الولايات المتحدة من الموريتانيين تسليمي اليهم مباشرة الامر الذي سيكون واضحا بل ارادوني في الاردن وذلك كان استهتارا بسيادة موريتانيا ظلت الحكومة الموريتانية تطالب الدليل أي دليل يثبت تورطي بجرم.

وفي كل مرة كانت الولايات المتحدة تفشل في تقديم أي شيء لذا فان اعتقالي كان بحد ذاته عبئا اضافيا على الحكومة فكيف بتسليمي وحيدا الى الاردن لقد طلب الحكومة الموريتانية الادلة من البلدان التي عشت فيها المانيا وكندا والبلدان لم يقدما الا تقارير جيدة عن حسن سلوكي فيها لهذا السبب ولاسباب اخرى كان الرئيس الموريتاني بحاجة ان يكون الى جانبه رجل اعتماده الاول رئيس الاستخبارات الموريتانية قبل ان يقدم على اية خطوة خطيرة غير محسوبة.

ناولت المفتش هاتفي الخلوي وقبل ان يغادر اعطى اوامره للحراس بالاهتمام بي لذا اضطررت ان استأنس بالحراس بدلا من ......................... وبقية ابناء عمومتي.

ان الحراس الذين يحرسون المعتقلين السريين في موريتانيا هم من الشرطة السرية لذا ومهما كانت درجة تعاطفهم معك كبيرة فانهم يفعلون كل شيء لتنفيذ الاوامر حتى لو كان فيها انهاء حياتك بمقت المجتمع هؤلاء الناس لانهم اذرع الديكتاتورية وبدونهم الدكتاتور مشلول لا يوثق بهم ومع ذلك لم اشعر باية كراهية تجاههم بل بحزن عليهم لانهم كان بمقدورهم ان يكونوا في صفوف اغلبة الموريتانيين البؤساء معظمهم يعرفونني من الاعتقالات السابقة.

طلقت زوجتي قال لي حارس شاب.

لماذا يا رجل لديك ابنة.

اعرف ولكني لا املك النقود الكافية لايجار بيت لي ولزوجتي ضجرت زوجتي من العيش في بيت والدتي ولم يستطيعا الانسجام والتعايش معا.

ولكن الطلاق امر غير مقبول.

ماذا كنت ستفعل لو كنت مكاني؟

لم يكن لدي أي جواب لان الرياضيات البسيطة كانت ضدي راتب الحارس كان حوالي اربعين او خمسين دولارا شهريا وحتى يتمكن من العيش بشكل لائق الى حد ما كان يحتاج الى الف دولار امريكي كان جميع حراسي يشتركون في شيء واحد جميعهم كانوا يعيشون تحت خط الفقر وبدون عمل اضافي لا يمكن لاي منهم العيش حتى آخر الشهر في موريتانيا ثمة فجوة كبيرة بين ضباط الصف الاول وبين الموظفين المتطوعين.

رأينا الكثير من الناس الذين كانوا هنا في السجن ثم احتلوا مناصب عالية في الحكومة لا نشك بانك ستكون واحدا منهم ايضا.

كانوا يضايقونني دائما وانا متأكد من انهم يطمحون الى اعمال افضل في الحكومة ولكني شخصيا لا اؤمن بالعمل مع حكومة غير مستقيمة بالنسبة لي ان الحاجة الى رواتب بائسة ليست مبررا للاذى الذي يمارسونه في ظل سلطة نظام غير عادل من جهة نظري هم مذنبون كاي شخص آخر مهما قدموا من تبريرات ومع ذلك فقد ابدى الحراس الموريتانيون بدون استثناء تضامنهم معي وتمنوا لو لم يقوموا بما قاموا به حيالي ابدوا لي كل اشكال التعاطف والاحترام حيث حاولوا دائما تهدئة روعي لانني كنت قلقا من ان يتم تسليمي للولايات المتحدة ومن ثم ارسالي الى أي محكمة عسكرية في ذلك الحين كان الرئيس الامريكي يلح وبصوت عال على ان يحال المشتبه به في الارهاب الى محكمة عسكرية وحزمة اخرى من التهديدات المماثلة وكنت على يقين بانني لا امتلك فرصة محاكمة عادلة في محكمة عسكرية اجنبية كنا نأكل ونصلي اجتماعيا معا تشاركنا كل شيء الطعام والشاي وكان لدينا جهاز راديو للاستماع الى الاخبار كنا ننام جميعا في غرفة كبيرة لا اثاث فيها ولكنها كانت مرتعا للبعوض وبما انه كان شهر رمضان فقد كنا نأكل في الليل ونسهر الى وقت متأخر وننام في النهار كان واضحا ان لديهم تعليمات بالتعامل معي بهذه الطريقة كان الـ.............................. ينضم الينا للتفتيش عن الاشياء.

عاد مدير مكتب الاستخبارات من سفره كما كان محددا.

مرحبا حياني.

مرحبا

كيف حالك؟

بخير لماذا اعتقلتموني؟

كن صبورا انه ليس نارا قال.

تساءلت لماذا تحدث عن النار لم يبد مرتاحا البتة وكنت مدركا انين لست السبب في عدم ارتياحه كنت محبطا وخائفا تماما ما جعلني اصاب بالمرض فقدت شهيتي ولم استطع تناول أي شيء وانخفض ضغط دمي على نحو خطير استدعى المدير طبيبا لمعاينتي.

لا يمكنك الصيام ينبغي ان تأكل قال الطبيب ووصف لي بعض الادوية وبما انني كنت عاجزا عن الوقوف فقد اضطررت للتبول في عبوة للماء هذا كان كل شيء لأنني لم اكن آكل أي طعام حقا لقد نال المرض مني وكانت الحكومة الموريتانية قلقة جدا ان تفسد البضاعة قبل ان يأخذها الزبون الأمريكي كنت احيانا احاول السهر لعل وعسى اتناول شيئا قليلا من الطعام ولكن ما ان اجلس مستقيما حتى اصاب بالدوران واسقط على ارضا طوال تلك الفترة بقيت آكل واشرب قدر ما استطعت مستلقيا على فراش رقيق.

قضيت سبعة ايام في السجن الموريتاني لم يزرني احد من اسرتي وعلمت فيما بعد انهم منعوهم من الزيارة بل حتى انهم انكروا وجودي عندهم وفي اليوم الثامن الواقع في الثامن والعشرين من نوفمبر 2001 ابلغت بانه سيتم ترحيلي الى الاردن.

الثامن والعشرون من نوفمبر هو يوم استقلال موريتانيا وهو اليوم الذي حصلت فيه الجمهورية الاسلامية المفترضة على استقلالها من الاستعمار عام 1960 ولسخرية القدر سلمت الجمهورية الموريتانية المستلقة ذات السيادة الكاملة في يوم استقلالها بالذات عام 2001 احد مواطنيها لدولة اخرى ومن اراضيها ولعارها الابدي لم تخرق الحكومة الموريتانية الدستور فقط والذي يمنع ابعاد امجرمين الموريتانيين الى دول اخرى بل وابعدت مواطنا بريئا وسلمته الى العدالة الامريكية العشوائية.

عشية عيد الاستقلال تمت الصفقة الثلاثية بين موريتانيا والولايات المتحدة والاردن بخصوص تسليمي الى الاردن سمح لي الحراس بالنظر الى الاستعراض القادم من وسط المدينة باتجاه القصر الرئاسي حيث تلاميذ المدارس برفقة جماعات اخرى يحملون الشموع المضادة اثار مشهد التلاميذ لدي ذكريات الطفولة عندما كنت صغيرا مثلهم واشترك في تلك الاستعراضات قبل تسعة عشر عاما في ذلك الوقت كنت انظر ببراءة الى يوم ميلاد الامة ولكن شاءت الاقدار ان ابعد عنها في يوم ميلادها وفي تقديري لا يمكن ان نعتبر امة ما ذات سيادة ان لم تستطع ان تعالج قضاياها بنفسها.

ان القوات السرية هي الفيلق الاكثر اهمية للحكومة في العالم الثالث وفي بعض البلدان التي تعرف بما يسمى البلدان الحرة ايضا لذا فقد دعي مدير مكتب الاستخبارات الى مراسيم القوات المسلحة في القصر الرئاسي صباحا.

كانت الساعة بين العاشرة والحادية عشرة عندما دخل اخيرا يرافقه كل من معاونه وكاتبه استدعاني الى مكتبه حيث يحقق مع الموقوفين عادة فاجأني حضوره لانه كان يوم عطلة رغم انني كنت مريضا الا ان ضغط دمي ارتفع كثيرا جراء زيارة المدير غير المتوقعة لدرجة اني تمكنت من الوقوف والمشي معهم الى غرفة التحقيق ولكن ما ان دخلت المكتب حتى سقطت على الاريكة الجلدية السوداء الكبيرة وتبين ان ارتفاع ضغط دمي كان ارتفاعا كاذبا.

صرف مدير مكتب الاستخبارات الموريتاني جميع الحراس الى بيوتهم وهكذا تركوني معه ومع معاونه وكاتبه.

أومأ لي الحراس بسعادة وهم يغادرون المبنى وكأنهم يقولون تهانينا اعتقدوا واعتقدت انه سيتم اطلاق سراحي وسأعود مرة اخرى الى البيت وبما ان ظلا من الشك كان يخيم علي فان الحركات والمكالمات الهاتفية الكثيرة التي كانت تحدث من حولي لم تعجبني ارسل المدير معاونه في مهمة وسرعان ما عاد ومعه اشياء رخيصة بعض الملابس وحقيبة اثناءذلك خر الكاتب نائما امام الباب سحبني المدير الى غرفة لوحدي.

سنرسلك الى الاردن ابلغني مدير مكتب الاستخبارات.

الاردن ماذا تقول؟

تعرض ملكهم لمحاولة اغتيال فاشلة.

وما علاقتي بالموضوع؟ مشكلتي هي مع الامريكان واذا اردت ان ترسلني الى أي بلد فارسلني الى الولايات المتحدة.

كلا هم يريدون ارسالك الى الاردن يقولون انك شريك في جريمة .............................................................. مع اني على يقين بانك لست لك أي علاقة ب................. او بالحادي عشر من سبتمبر.

لماذا اذا لا تحميني من هذا الظلم كمواطن موريتاني؟ سألته حينئذ فكان جوابه:

أمريكا بلد قائم على الظلم وتعيش به.

حسنا اريد مقابلة الرئيس قلت.

كلا لا تستطيع لقد اتخذ القرار مسبقا وهو غير قابل لأي تغيير.

اريد ان اودع امي على الاقل.

ايضا لا تستطيع هذه العملية سرية.

الى متى؟

يومين اوثلاثة ايام كحد اقصى ويمكنك عدم التحدث اليهم ان شئت.

ثم اضاف.

في الواقع ليست لدي مشكلة بخصوص ذلك.

أدركت انه يتكلم من مؤخرته لان مصيري ق حدد بارسالي الى الاردن بخصوص قضية ما.

هل تستطيع ان تؤكد لي متى سأعود؟

سأحاول آمل ان تضيف هذه الرحلة الى الاردن شهادة ايجابة اخرى لصالحك يعتقد السينغاليون والكنديون والامان وانا انك بريء لا اعرف كم شهادة تريدها الولايات المتحدة حتى تفك اسرك.

اعادني مدير الاستخبارات الى مكتبه واتصل برئيسه المدير العام وعندما التقطه على الهاتف اخيرا لم يستطع ان يعطيه موعدا دقيقا لعودتي ولكنه اكد له بانها ستكون بحدود يومين لست متأكدا ولكني ان اعتقد ان الولايات المتحدة فاقت الجميع حيلة ودهاء فقد طلبت فقط ان يوصلوني الى الاردن وعندئذ ستكون هناك مفاوضات من نوع آخر.

-لا اعرف بالضبط.- اخبرني مدير الاستخبارات بصراحة عندما اغلق الهاتف ولكن اسمع اليوم هو يوم الاربعاء يومان للتحقيق ويوم ثالث للرحلة اذا ستعود هنا يوم السبت او الاحد.

فتح الحقيبة التي جلبها معاونه وطلب مني ان اجرب الملابس الجديدة الرخيصة لسيت المطقم المؤلف من سروال وسترة وربطة عنق وحذاء بلاستيكي يا له من مشهد لم تناسبني اية قطعة ظهرت كهيكل عظمي مرتديا طقما جديدا ولكن من يهمه امري على الاقل انا لست واحدا منهم.

لقد تم التعامل معي من اللحظة التي عرفت فيها القرار الى الساعة التي سلمتني الولايات المتحدة الى القوى الاردنية الخاصة كطرد لشركة الشحن.

لا استطيع وصف مشاعري فقد كانت مزيجا من الغضب والخوف والعجز والاهانة والظلم والخيانة... لم افكر قط في الهروب من السجن مع انني سجنت ظلما وبهتانا قبل الآن ولكني اليوم بدأت افكر في القرار من السجن لاني لم اكن اعتقد احتى في الاحلام بان ارسل الى بلد ثالث معروف عبر العالم كنظام يمارس التعذيب ولكن تلك كانت رصاصتي الأخيرة واذا ما استخدمت واخطأت الهدف فسأبدو سيئا جدا في عيون حكومتي ومع ذلك لن يسبب هذا مشكلة مع الولايات المتحدة وستبقى تذعن لقراراتها لو كنت ملاكا في عيون حكومتي وقبل كل شيء انا الذي ذهبت الى السجن بنفسي.

نظرت حولي بحثا عن رطيق للهروب لنقل انني تمكنت من الخروج من المبنى حينئذ احتاج الى سيارة اجرة حال وصولي الى الشارع الرئيسي ولكن ليست لدي اية نقود ادفعها للسائق ولا استطيع ان اخذ شخصا الى مكان قد يعرفني فيه احد لانهم سيحثون اولا في تلك الامكنة عندما فحصت الابواب وجدت بابا واحدا ولكن من الافضل ان لا اقترب منه ابدا تجت اية ذريعة لذا طلبت ان اذهب الى الحمام هناك شذبت لحيتي وفكرت في الباب الآخر كان بابا من الزجاج لذا يمكنني ان اكسره ولكني كنت اعرف مخطط البناء حيث كان الباب المذكور يؤدي مباشرة الى حارس مسلح قد يطلق علي الرصاص ويرديني قتيلا غمضة عين وحتى اذا ما تمكنت من التسلل في غفلة من الحارس سأضطر ان الف حول مبنى وزارة الشؤون الاداخلية الذي يجاور الشارع الرئيسي حيث يوجد ايضا حراس يراقبون حركة الناس جيئة وذهابا ثم ان المرور من البوابة امر مستحيل قد يكون القفز من فوق الجدار امرا محتملا ولكن هل امتلك من القوة ما يكفي للقيام بذلك؟

كلا ليست لدي. كنت مستعدا لجمع كل قواي ولجعل المستحيل ممكنا.

روادتني كل هذه الافكار عندما كنت في الحمام نظرت الى السقف ولكن لم يكن هناك أي مجال للهروب كان السقف اسمنتيا.

انتهيت من النظافة والحلاقة ثم غادرت كانت توجد قاعة بلا سقف خارج الحمام فكرت بانني قد اتمكن من تسلق الجدار وتجاوز كتلة المبنى بالانتقال من سطح الى آخر ولكن كان هناك عائقان اثنان الاول ان ارتفاع الجدار يصل الى عشرين قدما ولم يكن هناك أي شيء اتمسك به لاتسلق اما الثاني فقد تطوق الشرطة المبنى خلال دقائق وبالتالي اينما نزلت سأقع في ايدي الشرطة بسهولة أدركت ان الهرب حلم غير واقعي لشخص وجد فجأة كل الأبواب مغلقة امامه ما عدا باب الصعود الى السماء ظل مدير الاستخبارات يجري المكالمات الهاتفية مع الطائرة التي كانت تحمل فريق المهمة الخاصة ينبغي ان يكونوا هناك في غضون ثلاث ساعات انهم في قبرص الآن قال المدير ان واجبه الطبيعي لا يفرض عليه ان يقول لي أين وصلت الطائرة أو تحمل من ا والى اية جهة سارسل هذه الامور واخرى غيرها يريدها الامريكان ان تكون مروعة الى ابعد حد.

يجب ان لا اعرف شيئا عما سيحدث لي ان اخذك الى المطار معصوب العينين واركابك الطائرة ومن ثم نقلك الى بلد يبتعد مسافة احدى عشرة ساعة جوا هذا كله يخلق لديه شعورا رهيبا لا يتحمله الا الذين يمتلكون اعصابا فولاذية ولكن مدير الاستخبارات لم يبال بان يقول لي كل ما يعرفه ليس لانه كان خائفا علي بل لانه كان يدرك في قرارة نفسه ان الموافقة على عملية بشعة كهذه هي موافقة ضمنية على ترك السلة في الوقت نفسه لقد كانت هناك اضطرابات مسبقة ضد الرئيس الموريتاني ولكن مدير الاستخبارات يدرك ان قضية تسليمي ستكون بمثابة القشة التي تقصم ظهر البعير وهذا كان احساسي ايضا لذا بقيت ارفع دعائي يا الهي اتوسل اليك ان لا تدع الناس يريقون الدماء بسببي.

علم مدير الاستخبارات من برج المراقبة في المطار ان الطائرة من المتوقع ان تصل بحدود الساعاة السابعة او السابعة والنصف مساء ظل الكاتب نائما امام الباب طوال تلك لافترة لذا ارسله سيده المدير الى البيت كانت الساعة تقترب من السادسة مساء عندما انطلقنا انا ومدير الاستخبارات ومعاونه بسيارته الفارهة من نوع مرسيدس اتصل بالمطار مرة اخرى من اجل المزيد من الاحتيطات الامنية اللازمة حتى يتم تهريبي بعيدا عن الانظار تمنيت ان تسقط الطائرة وان يبوح احد ما بالسر للحكومة.

سار مدير مكتب الاستخبارات الموريتاني في الاتجاه المعاكس للمطار كان يريد تضييع الوقت حتى يصل الى المطار مع وصول الوفد الاردني تمنيت ان تتحطم طائرتهم مع انني اعرف ان لها بديلا اردت ان يتم تأجيل هبوط الطائرة تماما مثل ما يكون لديك انباء عن موتك وتريد تأجيله توقف المدير عند محل للسمانة دخل المحل واشترى لنا طعاما جاهزا من اجل الافطار الذي سيحل بوصلونا الى المطار مع غروب الشمس ومع وصول الطائرة المشؤومة كانت سيارة بيضاء تابعة للامم المتحدة تقف امام المحل دخل سائق المحل وابقى محرك السيارة شغالا لوهلة فكرت ان اخطف السيارة واهرب بها اذا ما حالفني الحظ ثم ان سيارة تويوتا ذات الدفع الرباعي وذات الهيكل القوي تتفوق بما لا يقاس على المرسيدس بنز لكني ولجدت بعض العوائق التي اثبطت همتي عن القيام بالمحاولة سيسبب الخطف تورط اناس ابرياء معي كانت اسرة السائق في السيارة ولم اكن على استعداد لالحاق الاذى باناس ابرياء.

كما ان اختطاف سيارة يستلزم تحييد المرسيدس الامر الذي قد يكلف حياة ضابطين في الشرطة فمع انني لم اشعر بالذنب حيالهم ان قتلا وهما يحاولان اعتقالي بشكل غير قانوني وظالم الا اني لم ارغب في ان اقتل أي شخص هل حقا انا قادر على تنفيذ العملية جسديا لم اكن متأكدا ان التفكير في العملية كان بمثابة حلم يقظة لالهاء نفسي عن المجهول المخيف الذي كان بانتظاري.

يجب الا انسى ان الشرطة في موريتانيا لا تعاني رهاب الارتياب في الآخرين كما يعاني منها الامريكان وليست لديها وليست لديها تقنيات الاحتراس من تعصيب العيون وسد الاذان وتقييد الناس بالاصفاد من اعلى الرأس الى اخمص القدمين يعتبر الموريتانيون متخلفين بهذا الخصوص في الحقيقة لا اعتقد ان هناك احدا يمارس الاحتراس كالامريكيين لقد كنت طليقا حتى وصلنا الى المطار كان بوسعي الهروب والوصول الى المبنى العام في المطار قبل ان يمسك بي احد بهذا قد اكونا وصلت رسالة قوية الى الناس وبالتالي الى اسرتي بانني اختطفت ولكني لم افعل ذلك وليس لدي أي تفسير لعدم قيامي بهذه الخطوة لو كنت اعرف ما اعرفه اليوم لحاولت القيام باية محاولة من شانها احباط الظلم ولما عدت اساسا الى السجن لاواجهه.

بعدما انتهينا من عند السمان انطلقنا مباشرة الى المطار حركة السيارات كانت شبه معدومة تقريبا لانه كان يوم عطلة كان الناس كالعادة يلزمون بيوتهم بسلام.

هذه هي المرة الأولى منذ ثمانية ايام ارى فيها العالم الخارجي كان الجو كئيبا لابد انه كانت هناك عاصفة رملية قبل ايام انقشعت اليوم لتفسح المجال للنسيم البحري القادم من المحيط.

لقد شاهدت هذا المشهد الف مرة ومرة وما زلت احبه فكلما هبت عاصفة رملية لتقضي على الحياة في المدينة يهب نسيم بحري مع انتهاء العاصفة وينفخ الروح في المدينة من جديد فيخرج الناس رويدا من بيوتهم كان الفجر جميلا ومدهشا كما كان دائما تصورت اسرتي وقد اعدت افطارها مسبقا وامي تتمتم بالدعاء والصلوات وهي تحضر بفتور طعاما شهيا متواضعا حيث الجميع ينتظرون الشمس وهي تخطو خطواتها الاخيرة في المغيب لتختفي فيما بعد وراء الافق وحالما يرفع المؤذن الاذان الله اكبر يهرع الجميع الى شرب شيء ما بنهم اخي يفضل تدخينا سريعا مع كوب من الشاي قبل تناول أي شيء آخر لا تدخن أي من اخواتي فتدخين السيدات يعد في ثقافتنا امرا معيبا الغائب الوحيد من بين الاسرة هو انا ولكنقلوبهم جميعا معي وصلواتهم جميعا هي من اجلي كانت اسرتي تعتقد ان حجزي لن يتجاوز بضعة ايام ومن ثم ستطلق الحكومة سراحي لقد اخبرت الحكومة اسرتي بانني لم افعل شيئا وانها تنتظر حتى يجد الامريكان الحقيقة ومن ثم سيتركونني وشأني كم كانت اسرتي مخطئة كم كنت انا مخطئا لاضع ثقتي في حفنة من المجرمين واضع مصيري في ايديهم.

يبدو اني لم اتعلم حتى الان أي شيء ويبدو ان الندم لا يفيد لقد ابحرت السفينة كانت سيارة المرسيدس تتجه بلا ضجيج صوب المطار وانا كنت غارقا في احلام يقظتي عند البوابة السرية كان رئيس شرطة المطار ينتظرنا كما هو مخطط.

كرهت تلك البوابة المظلمة كم روحا بريئة عبرت تلك البوابة السرية مررت منها مرة عندما جلبتني الولايات المتحدة من داكار وسلمتني الى حكومتي قبل عشرين شهرا وصولي الى البوابة وضع حدا لاحلامي حول منقذ وانسان خارق يوقف السيارة بمعجزة ويبعد ضباط الشرطة ويحملني الى البيت على جناحيه واتمكن من تناول الافطار في دفء كوخ امي ما من شيء يقف في وجه ما قرره الله لنا وانا اذعن واخضع كليا لارادته.

بدا رئيس شرطة المطار كراع للابل كان يرتدي بوبو مهترئا وهو اللباس الوطني وهو عبارة عن قميص نص كم ودون ازوار.

اخبرتك انني لا اريد احدا يكون من حولنا قال مدير الاستخبارات.

كل شيء على ما يرام قال رئيس شرطة المطار على مضض كان كسولا ولا مباليا وساذجا وتقليديا اكثر من اللازم.

اعتقد انه يجهل تماما الذي كان يحدث من حوله بدا رجلا متدينا وتقليديا ولكن يبدو ان الدين لم يترك أي تأثير في حياته اذا اخذنا بعين الاعتبار المؤامرة الظالمة التي كان ينفذها مع الحكومة.

بدأ المؤذن المذهل معلنا نهاية النهار وبالتالي موعد الافطار الله أكبر الله أكبر اشهد ان لا اله الا الله مرة مرتين ومن ثم مرتين اشهد ان محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح ومن ثم مرتين الله اكبر ولا اله الا الله يا لها من رسالة مذهلة ولكن خمن ايها المؤذن العزيز لا استطيع الامتثال لاذانك ولا استطيع ان اكسر صيامي تساءلت هل يعرف هذا المؤذن أي ظلم يجري في هذا البلد؟

لم يكن هناك مكان نظيف من حولنا فكل الميزانية البائسة التي وافقت عليها الحكومة من اجل اعادة ترميم المطار قد نهبت تماما من قبل عملاء الحكومة التي وثت بهم ذهبت بصمت الى البقية الاقل اتساخا وبدأت اصلي انضم الي رئيس الاستخبارات ومعاونه ورئيس شرطة المطار وبعد ان انهيت صلاتي قد لي رئيس الاستخبارات الماء وبعض الكعك المحلي للافطار في تلك اللحظة هبطت طائرة رجال اعمال صغيرة نفاثة على مدرج المطار لم تكن لدي شهية على اية حال ولكن وصول الطائرة ختمت الحاجة الى تناول الطعام كنت اعرف انني لن ابقى على قيد الحياة بدون طعام لذا وصلت الى الماء وشربت كمية قليلة منه واخذت قطعة من الخبز المحلي ودفعتها رغما عني في فمي ولكن يبدو انها واجهت ثغرة معلقة لقد تآمرت حنجرتي علي فانغلقت كنت افقد صوابي من الخوف مع انني حاولت التصرف على نحو طبيعي لاسترد رباطة جأشي كنت ارتجف ولكني واصلت تمتمة صلواتي وجه طاقم المطار الارضي الطائرة الصغيرة باتجاه سيارة المرسيدس بينز كادت الطائرة الصغيرة تلتصق بالسيارة عندما توقفت فتح الباب وهبط رجل ............................................................................................................................................................................... السلم بخطى ثابتة كان واحدا من اولئك الذين تغرق ............................................................................... في كل م يشربونه يا الهي لن اشترك في الشرب مع هؤلاء الناس حتى لو منحت مليون دولار ما ان وقع عيني على الرجل حتى اطلقت عليه لقب...............................................

عندما وصل الى الارض كنا واقفين امامه فحصنا بعينيه الثعلبيتين كانت لديه ......................................................................... وعادة قرص ............................................................... ويظل يحرك عينيه احداهما مفتوحة والاخرى نصف مغمضة استطعت ان اقرأ الصدمة على وجهه بسهولة فقد بدا انه لم يشاهد الشخص الذي كان يبحث عنه اعني نفسي ولكن يمكن القول ان هذه ليست المرة الاولى التي يقود فها عملية اختطاف كان متمالكا اعصابه تمام كما لو ان ما يحدث ليس بذي اهمية كبيرة.

جلبنا اناسا في حقائب الى هنا قال لي فيما بعد مرافق ............................. في الاردن.

كيف لا يموتون اختناقا اثناء الرحلة؟

نفتح فتحة لانوفهم كي يحصلوا على الاكسجين اللازم قال ....................................

لا اعرف شيئا عن قصة الحقائب ولكني اعرف قصصا عن حالات اختطاف الارهابيين المشتبه بهم الى الاردن توقع ..................... ان تكون فريسة مفيدة معصوبة العينين مسدودة الاذنين ولكن خلافا لتوقعاته كنت واقفا امامه بلباسي المدني مفتوح العينين كاي مخلوق بشري وذلك ما صعقه لا ان الارهابي لا يبدو بهذا الشكل وخصوصا اذا كان ارهابيا من المستوى الرفيع والعقل المدبر المفترض الذي يقف وراء مؤامرة الالفية.

مرحبا قال من الواضح انه لم يعتد التحية الاسلامية الجميلة السلام عليكم تبادل اطراف الحديث على عجل مع مدير مكتب الاستخبارات مع انهما كانا يجدان صعوبة في فهم بعضهما بعضا لم يكن مدير الاستخبارات معتادا على اللهجة الاردنية ولا الضيف الاردني معتادا على الطريقة الموريتانية في الكلام كنت اتفوق عليها في هذه النقطة ما من لهجة عربية الا وافهمها نتيجة معاشرتي لاصدقائي من مختلف الخلفيات الثقافية.

قال انه بحاجة الى الوقود شرحت ذلك لمدير الاستخبارات تمتلكني رغبة عارمة لأجعل مفترسي يعرف من انا اخذت حقيبتي واظهرت استعدادي لركوب الطائرة في تلك اللحظة ادرك ............................. انني انا الهزيل الارهابي الذي اسلوه لاخذه.

ناوله مدير الاستخبارات جواز سفري وملفا رقيقا في اعلى سلم الطائرة كان هناك شابان يرتديان بذلات سوداء شبيهة بزي النينجا بدوا انهما الحارسان اللذان سيقومان بحراستي في اطول رحلة في حياتي والتي استغرقت احدى عشرة ساعة تحدثت الى مدير الاستخبارات بطريقة لم يفهمها...............................

اخبره بالا يعذبني.

هذا شاب جيد اود ان تعاملوه بطريقة لائقة قال مدير الاستخبارات بغموض.

سنعتني به جيدا اجاب ........................ ايضا بكلام غامض.

اعطاني مدير الاستخبارات بعض الطعام لاتناوله اثناء رحلة الطيران فقال ........................................:

لا لزوم لذلك لدينا ما يكفي من الطعام.

سرني ذلك لاني احب المطبخ الشرق اوسطي.

جلست في المقعد الذي كان مخصصا لي وامر قائد العملية بتفتيش كامل بيتما راحت الطائرة تنزلق على ارض المطار كل ما وجده كان قرآني نسخة الجيب فاعادوه لي عصبوا عيني وسدوا اذني ولكن ما ان اصبحت الطائرة في العلو الطبيعي لها حتى ازالوا العصابة عن عيني لاتمكن من الاكل وبحدود معرفتي باساسيات ادوات الاتصال انتابني شعور رهيب عندما وضعوا في اذني سدادات شبيهة بسماعات الاذن ظننت انها طريقة امريكية جديدة لامتصاص المعلومات من الدماغ وارسالها مباشرة الى كمبيوتر رئيسي لتحليل المعلومات.

لم اكن خائفا مما يمكنهم امتصاصه من دماغي ولكني كنت خائفا من الالم الذي قد اعانيه خلال الصدمات الكهربائية كان الامر سخيفا فحين ينتابك الخوف لا تعود انت انت بل تصبح طفلا صغيرا مرة اخرى.

كانت الطائرة صغيرة للغاية وكثيرة الضجيج بامكانها الطيران مدة ثلاث ساعات الى ثلاث ساعات ونصف فقط بعدها ستحتاج للتزود بالوقود انهم في قبرص اخبر مدير الاستخبارات قبل وصولهم الى نواكشوط بعدة ساعات اعتقد ان رحلة العودة ستكون من المسار نفسه لان جرائم كهذه ينبغي ان تكون بتعاون جميع الاطراف المتآمرة.

قدم ......................... وجبة طعام لي بدت لذيذة ولكن حنجرتي كانت متيبسة وشعرت كما لو انني ازدرد احجارا قاسية.

هل ذلك هو كل اكلك؟ سألني ............................

نعم يا .................. قلت كلمة ............................ تعني حرفيا الشخص الذي ادى فريضة الحج الى مكة ولكنك في الشرق الاوسط تشير باحترام الى شخص لا تعرف ب............................................

في الاردن ينادون جميع السجناء ب............................. حتى تبقى الاسماء سرية.

كل كل استمتع بطعامك قال ........................ محاولا ان لا يمنحني بعض الراحة حتى آكل وابقى على قيد الحياة.

شكرا يا ....................... اكلت ما فيه الكفاية.

هل انت متأكد؟

نعم يا ......................... اجبت.

نظر الي ........................ وابتسم رغما عنه ابتسامة كاذبة وساخرة لم اجد مثلها قط من قبل كانت شبيهة بابتسامته التي كشف عنها عندما نزل من الطائرة في مطار نواكشوط.

جمع الحراس البقايا واعادوا طاولة الطعام الى وضعيتها المعتادة كان اثنان منهم يراقبانني احدهما كان خلف رأسي مباشرة في حين كان الآخر جالسا الى جانبي ظل الاول يحدق بي طوال الوقت الى درجة انني اشك بانه اغمض عينيه لحظة واحدة لابد انه قد خضع لتدريب قاس.

في تدريبي اكاد افقد اعصابي. –صرح لي احد الجنود فيما بعد في السجن الاردني- اثناء التدريب نأخذ ارهابيا ونقتله امام انظار جميع المتدربين لا يتحمل البعض فينفجرون بالبكاء.

اين تتدربون سألته.

في بلد عربي لا استطيع ان ابوح باسمه.

شعرت بالغثيان لكني بذلك اقصى ما لدي من جهد حتى ابدو امام الرجل بان ما سمعته هو امر طبيعي وانه بطل.

يريدون منا الا نكون رؤوفين بالارهابيين استطيع قتل الارهابي الذي يهرب بطلقة واحدة فورا قال بحسم.

عظيم ولكن كيف تعرف انه ارهابي؟ قد يكون بريئا سألته لاقيس محاكمته العقلية.

هذا ليس شأني اذا قال رئيسي هو ارهابي فهو ارهابي لا يسمح لي ان اتبع محاكمتي العقلية الشخصية عملي هو التنفيذ.

حزنت على ابناء قومي كيف وقعوا في هذا المستوى المخيف من القسوة والشناعة كنت اقف في تلك اللحظة امام شخص مدرب على ان يقتل الناس عن عمد بمجرد ان يؤمر بذلك عرفت انه لا يكذب لانني قابلت ذاة مرة جزائريا كان جنديا في السابق يطلب اللجوء السياسي في المانيا اخبرني عن الشناعة التي عاملوا بها الاسلاميين ايضا قال لي خلال كمين القينا القبض على مراهق في السادسة عشرة من عمره توقف رئيسنا بينما كنا في الطريق الى السجن انزله من السيارة واطلق النار عليه وارداه قتيلا لم يستطع ان يضعه في السجن اراد الانتقام.

تساءلت لماذا كل هذه الحيطة علما انني مقيد اليدين وهناك حارسان ومحققان وطياران طلب الشيطان من الحارس الذي كان يجلس الى جانبي ان يخلي الكرسي نهض الحارس عن الكرسي وجلس ................... بجانبي وبدأ يحقق معي.

ما اسمك؟

محمدو ولد صلاحي.

ما لقبك؟

ابو مصعب.

أي القاب أخرى لديك؟

ما من القاب أخرى؟

هل انت متأكد؟

نعم يا .................................

لم أكن معتادا على محقق من بلاد الشام لم اكن قد سمعت تلك اللهجة بهذه الطريقة النادرة ان لهجة الشام هي من اجمل اللهجات في اللغة العربية ولكن لهجة ........................ لم تكن جميلة كان شيطانا وكفى طريقته في الحركة والكلام وشكله واكله وكل شيء آخر فيه.

كنا نصرخ خلال الحديث القصير الذي اراده معي ومع ذلك بالكاد كنا نفهم بعضنا بعضا بسبب هدير المحركات المزعج.

اكره الطائرات الصغيرة اشعر دائما انني على جناح عفريت عندما اسافر فيها سنتوقف عن التحقيق حاليا لنستأنفه فيما بعد قال هو.

شكرا ايتها المحركات القديمة اردت فقط ان يحل عن وجهي لبعض الوقت.

مع حلول منتصف الليل بتوقيت غرينتش تقريبا هبطنا في قبرص هل كانت طائرة تجارية ام طائرة عسكرية لا اعرف ولكن قبرص جنة من جنات الارض في الشرق الاوسط.

ارتدى كل المحققين والطيارين ستراتهم وغادروا الطائرة على الاغلب لقضاء استراحة كان الجو يبدو كانه يمطر فقد بدت الارض مبللة بالماء وكان الرذاذ الناعم يلاطف وجه الارض بين الفينة والفينة كنت اسرق لمحة سريعة عبر نافذة صغيرة مغبشة كان النسيم في الخارج يوحي بوجود شتاء بارد في الجزيرة.

شعرت بضجيج اصوات هزات الطائرات الصغيرة لابد أنه كان صهريج الوقود وهو يتحرك غرقت في عالم احلام اليقظة.

كنت افكر ستشك الان الشرطة المحلية بالطائرة وسيقومون بتفتيشها انا محظوظ لاممي اخرق القانون بعبوري اجواء البلد بدون فيزا العبور وسيقومون باعتقالي ومن ثم ايداعي السجن وفي السجن سأقدم طلبا للجوء السياسي وابقى في هذه الجنة لن يستطيع الاردنيون قول شيء لانهم مذنبون بمحاولة تهريبي لذا كلما طال انتظار الطائرة اصبحت فرص اعتقالي اكبر.

...... يتواصل

نقلا عن يومية الامل الجديد