التشيع في موريتانيا .. بين الحقيقة والتهويل

أحد, 02/22/2015 - 14:13
صورة تخدم الموضوع

بات الحديث الإعلامي عن حضور وانتشار التشيع في موريتانيا على مدار السنوات القليلة الأخيرة، يطرح نفسه بين الفينة والأخرى في مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات العديد من الصحف والمواقع العربية المهتمة بالشأن الموريتاني.

وعاد الحديث مجددا عن هذا الموضوع قبل أيام على خلفية زيارة قام بها رجل الدين الشيعي اللبناني محمد قانصو لموريتانيا في وقت سابق الشهر الجاري، والتي صاحبها الكثير من اللغط في الأوساط الدينية والإعلامية، حيث اعتبر مراقبون أن زيارة قانصو تمثل مؤشرا على تطور المد الشيعي بموريتانيا، ودعا الكثير من الموريتانيين على مواقع التواصل الاجتماعي السلطات الموريتانية لاتخاذ إجرءات حازمة ضد الزائر الشيعي.

ومع أن زيارة قانصو اقتصرت على لقاءات مع بعض مسؤولي أحزاب سياسية صغيرة معروفة بعلاقتها بالنظام السوري، مثل محفوظ ولد اعزيزي، رئيس حزب الوحدوي الديمقراطي، إلا أن إشرافه على تدشين مدرسة قرآنية صغيرة باسم الزعيم الروحي لشيعة غرب إفريقيا، اللبناني عبد المنعم الزين، فجر غضبا كبيرا لدي الأوساط الدينية، مما دفع بالسلطات الأمنية لإجراء تحقيقات مع بعض مستقبلي الشيخ الشيعي، وفق ما تناقلته مصادر إعلام محلية.

وبحسب سيدي أحمد ولد باب، وهو إعلامي موريتاني متابع لقضايا التشيع، فإن زيارة قانصو لموريتانيا تعتبر زيارة ذات طابع"استكشافي" للتعرف على المنافذ التي قد تساهم في اختراق الشيعية لموريتانيا، معتبرا أن الحديث عن وجود التشيع في موريتانيا هو "أمر مبالغ فيه".

واتهم ولد باب، وهو المدير الناشر لموقع "زهرة شنقيط" الالكتروني، في تصريحات لمراسل الأناضول، أطرافا موريتانية (لم يسمها) بانتهاج "سياسة فبركة الوجود الشيعي" بموريتانيا من أجل "الحصول على مكاسب مادية من قبل الحوزات الإيرانية والبعثات الدبلوماسية المقربة من دول التشيع"، وفق قوله.

وفي ذات السياق، اعتبر ولد باب أن هناك أئمة مقربين من دول الخليج يحاولون تهويل موضوع التشيع، لدفع هذه الدول للاهتمام بموريتانيا في المجالات التنموية كالعمل الخيري والاجتماعي.

وقال إن "الحديث عن الوجود الشيعي  في موريتانيا هو بمثابة فقاعة إعلامية، حيث لا توجد معطيات على الأرض تسند هذا الأمر".

وأضاف ولد باب أن "الشيعة لا توجد لديهم أنشطة دينية وتعليمية بموريتانيا  كما لا توجد أماكن عبادة خاصة بهم (حسينيات)، ولا استثمارات اقتصادية تابعة لهم كما هو الحال في الدول التي يوجد فيها نشاط للتشيع"، حسب قوله.

وفي الوقت الذي تتحدث فيه بعض المصادر الإعلامية عن وجود حوالي 30 ألف شيعي بموريتانيا، تنفي وزارة التوجيه الإسلامي وجود هذا الرقم معتبرة أن معتنقي المذهب الشيعي بالبلاد "لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة".

وقال رجل الدين الشيعي اللبناني محمد قانصو في  مقابلة مع وكالة أنباء "الأخبار المستقلة"  أثناء زيارته لموريتانيا مؤخرا، أن عدد الشيعة بموريتانيا لا يتجاوز العشرات، معتبرا أن الحديث عن وجود عشرات الآلاف من الشيعة في موريتانيا "كلام يراد منه التخويف والتهويل".

بدوره، دعا عمر الفتح ولد سيدي عبد القادر، إمام مسجد "شجرة الأنبياء"، لتكثيف الجهود للتصدي لما يسميه مخاطر التشيع بالبلاد.

وأضاف عبد القادر للأناضول أن "ذلك يجب أن يتم من خلال العمل على وضع برنامج دعوي متكامل يتم فيه التركيز على خطاب دعوي يحذر من مخاطر التشيع ويركز على وجوب الوحدة الإسلامية ويحذر من مخاطر التفرق المذموم"، حسب قوله.

واعتبر أن ذلك يجب أن "يوازيه عمل إعلامي قوي ومؤثر يهدف إلى كشف المخطط الشيعي، وتعريته وفضح أهدافه الآنية والمستقبلية"، حسب تعبيره.

وقال إن البلاد بحاجة لإنشاء مرصد لمتابعة أخبار التشيع وغيره من الدعوات المؤثرة في السلوك و المعتقدات.

ودعا ولد سيدي عبد القادر، المؤسسات الدعوية والثقافية، إلي "القيام بدورها المنوط بها في تحصين المجتمع عقديا وتوعيته ثقافيا بالمخاطر المحدقة به، والمتمثلة في ما ينشره دعاة التشيع من أباطيل تستهدف النيل من الصحابة والتشكيك في أصول الاعتقاد ومصادره".

أما تاريخ التشيع في موريتانيا فيعود إلي أزيد من عقد من الزمن حين أعلن مواطن يدعى بكار ولد بكار عن اعتناقه للمذهب الشيعي، ويقوم هذا الرجل بنشاط كبير في مجال التشيع كنشر المذهب الشيعي وكتبه ومناهجه.

ويتزايد الحديث في الأوساط العلمية الموريتانية عن محاولة ولد بكار إقامة حسينية في منطقة عرفات بالعاصمة نواكشوط.

وفي السنوات الأخيرة كثرت زيارة العديد من أئمة موريتانيا إلي إيران، كما أبدت الأخيرة اهتماما كبيرا بعلاقاتها مع موريتانيا.

وترتبط إيران بعلاقات قوية مع موريتانيا، وتطورت تلك العلاقات في الآونة الأخيرة بشكل كبير، حيث شهدت زيادة في تبادل الزيارات الرسمية، وتميزت بالتوقيع علي الكثير من اتفاقيات التبادل التجاري و الاقتصادي بين الجانبين قبل ثلاث سنوات، قبل أن تتراجع هذه العلاقة في السنتين الأخيرتين بسبب التقارب الملحوظ لنواكشوط مع النظام السعودي، بحسب مراقبين.
الاناضول