تحركات التنظيمات الارهابية تنذر بصيف افريقي ساخن

خميس, 04/27/2017 - 08:25

استغلت الجماعات الارهابية الأوضاع الأمنية السيئة في الدول الافريقية،فضلاً عن ضعف الرقابة على الحدود نتيجة لحالة الترهل الأمني الذي تعانيه تلك الدول وعدم القدرة على تأمين حدودها وهو ما سمح لتلك الجماعات بالتنقل من بلد لآخر بمنتهى السهولة،وتنفيذ عمليات إرهابية ضخمة.

ويمثل توسع دائرة التنظيمات الإرهابيّة وتحالفاتها نذيرا بمزيد من التوتر الخطر على أغلب الدول الافريقية التي تعاني منذ سنوات من تمدد التنظيمات الإرهابية التي أسفر نشاطها عن سقوط آلاف الضحايا مع التفجيرات الانتحارية والهجمات على المدنيين،والتي تلقي بظلالها القاتمة على التنمية الاقتصادية والسياسية بإفريقيا.

تحالف جديد

في 2 مارس 2017، أعلنت 4 جماعات إرهابية في منطقة الساحل الغربي من القارة الإفريقية،وهي "إمارة منطقة الصحراء الكبرى" و"تنظيم المرابطون" و"جماعة أنصار الدين" و"جبهة تحرير ماسينا"،عن اندماجها في جماعة واحدة، تحت مسمى "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين".وتم الإعلان عن تأسيس هذا التحالف تحت لواء أمير واحد، رجل الطوارق والمعروف باسم "إياد غالي" هو المطلوب الأول من طرف القوات الفرنسية.

وقد أعلن إياد غالي أن " جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" تتشبث ببيعة زعيم اتنظيم لقاعدة أمين الظواهري، وأمير القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أبو مصعب عبد الودود، وأمير حركة طالبان الملا هيبة الله.وهو ما يشير الى أن "تنظيم القاعدة" يسعى الى تعزيز نفوذه وتنفيذ عمليات نوعية في منطقة الساحل والصحراء من جديد،حيث سارع في 5 مارس 2017،الى تبني هجوم أدى إلى مقتل 11 جنديا بالقرب من حدود مالى مع بوركينا فاسو، فى هجوم هو الأول من نوعه للتحالف.

تحدي

ويتوقع وفقا للمراقبين أن تعلن الجماعة الجديدة عن نفسها عبر عمليات عسكرية، أو خطف رهائن لإبراز اسمها في عناوين الصحافة الدولية.وتحمل هذه الخطوة أهميتها من كونها تأتي بعد أقل من شهر على إعلان دول الساحل الخمس (مالي، موريتانيا، النيجر، تشاد وبوركينافاسو) عن خطوات جديدة نحو تشكيل قوة عسكرية مشتركة لمحاربة الإرهاب.

وكان قادة الدول الخمس اتفقوا على قرار تشكيل القوة التي ستتفرغ لمواجهة "الجماعات الجهادية" في المنطقة.وقال الرئيس التشادي إدريس ديبي، في تصريحات أوردتها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"،الثلاثاء 07 فبراير 2017: إن الدول الأعضاء في المجموعة تقع على "خط المواجهة ضد الخطر الإرهابي".وأضاف أن الدول المشاركة ستسعى للحصول على تمويل للقوة المشتركة من الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أنها ستوفر على أوروبا الزج بجنودها في عمليات في أفريقيا في وقت "يتنامى فيه خطر الإرهاب".

كما يأتي هذا التحالف في الوقت التي تسعى فيه القوات الفرنسية إلى القضاء على الكتائب الجهادية التي تهدد مصالحها في شمال مالي.وفي هذا السياق،حض وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس،الأحد 23 أبريل 2017،فرنسا على الاستمرار في عملياتها العسكرية ضد الإرهاب في إفريقيا في ظل رئاستها الجديدة، وذلك خلال زيارة له إلى جيبوتي تزامنت مع الدورة الأولى للانتخابات الفرنسية.

وتدعم الولايات المتحدة عملية "بارخان" العسكرية الفرنسية ضد المتشددين في خمسة بلدان في منطقة الساحل هي موريتانيا ومالي وتشاد والنيجر وبوركينا فاسو.وقال الجنرال توماس فالدهاوسر، قائد القوات الأميركية في إفريقيا، خلال المؤتمر الصحافي إلى جانب ماتيس "نتطلع إلى استمرار شركائنا في القتال في هذا الجزء من القارة".ويساند الأميركيون الفرنسيين عبر تزويد مقاتلاتهم بالوقود جوا، كما يتبادلون معهم المعلومات الاستخباراتية.

الشباب الصومالية وجماعة بوكو حرام

شهدت أفريقيا،الإثنين 10أبريل2017، سلسلة من الهجمات الدموية، قادتها حركة الشباب الصومالية، وجماعة بوكو حرام،في مشهد ؤكد نهج الجماعات المتطرفة التي أعلنت ولايتها لتنظيم "داعش"الإرهابي على بث العنف ونشر مسرح عملياتها إلى عمق أفريقيا.ففي نيجيريا، قتلت جماعة "بوكو حرام" المتطرفة، ثمانية مدنين، كانوا يبحثون عن الحطب، وخمسة جنود، في هجومين منفصلين شمال البلاد.

وتحاول "بوكو حرام" التصعيد من هجماتها من خلال استخدام الاطفال،حيث قالت منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة (يونيسيف) إن عام 2017 شهد زيادة في استخدام الجماعة المسلحة للأطفال كانتحاريين في كل من تشاد ونيجيريا والنيجر والكاميرون.وأضافت المنظمة - في بيان لها نقلته شبكة "يورونيوز" الأوروبية،الأربعاء 12 أبريل 2017،أن الجماعة المسلحة استخدمت 27 طفلا في تنفيذ هجمات انتحارية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، وذلك مقارنة باستخدام 9 أطفال فقط العام الماضي في الفترة ذاتها.وأشارت المنظمة إلى أن عام 2016 بأكمله شهد استخدام 30 طفلا فقط كانتحاريين، مضيفة أن معظمهم كانوا فتيات.

وفي الصومال قادت حركة الشباب المتطرفة هجومًا بتفجير سيارة ملغومة، استهدف وزير الدفاع الصومالي، أثناء مغادرته قاعدة عسكرية في مقديشو، وذلك بعد ثلاثة أيام من إعلان الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو أن البلاد في حالة حرب ضد حركة الشباب المجاهدين،ما أدى لوقوع عدة قتلى واصابة آخرين، كما جرى تدمير حافلة صغيرة تقل مدنيين في هجوم أعلنت حركة الشباب مسؤوليتها عنه.

واتجهت حركة "شباب المجاهدين" الصومالية إلى تصعيد عملياتها خلال الفترة الأخيرة،حيث استهدفت في 16 فبراير،المنطقة السكنية القريبة من القصر الرئاسي،وهو ما أسفر عن مصرع مدنيين اثنين، كما شنت الحركة عملية إرهابية مزدوجة بعد ذلك بيومين، حيث استهدفت الجنرال حسن محمد ديري، نائب مدير جهاز الأمن والاستخبارات السابق، وهو ما أدى إلى إصابته ومقتل أحد مرافقيه، وفي التوقيت نفسه اغتالت السياسي محمد عمر هجفي.ويمثل اتجاه حركة "شباب المجاهدين" إلى تصعيد عملياتها الإرهابية خلال المرحلة القادمة،التحدي الأكبر لحكومة الرئيس الجديد محمد عبد الله فرماجو.

تحذيرات

حذرت منظمة الأمم المتحدة في تقرير حديث أصدرته،الجزائر من مغبة التعرض للهجمات الإرهابية التي يتسبب فيها فرار المقاتلين من ليبيا نحوها بعد حصارهم فيها وعدم قدرتهم على السيطرة على الأوضاع هناك.وأكد التقرير نفسه أن الإرهابي مختار بلمختار أمير جماعة "المرابطون" الناشطة بالصحراء يتواجد بالأراضي الليبية إلى جانب "اياد غالي"الذي يقود جماعة أنصار الدين الإسلامية المالية وله قاعدة في جنوب ليبيا. مما يجعل الحدود الجزائرية مع ليبيا عرضة للهجوم من قبل هذه الجماعة.

من جهتها حذّرت تقارير أمنية أمريكية من هجمات إرهابية يخطط لها الإرهابي مختار بلمختار أمير جماعة المرابطون المنضوية تحت لواء التنظيم الإرهابي الجديد"جماعة دعم الإسلام و المسلمين" في دول الشمال والساحل الإفريقيين، من ضمنها الجزائر. وجاء هذا التحذير الذي تناولته عديد الصحف الأمريكية المعروفة ليؤكد اعتراف أمريكي بأن الإرهابي مختار بلمختار لا يزال على قيد الحياة.وأفادت ذات التقارير الأمنية الأمريكية إن الإرهابي مختار بلمختار يخطط لهجمات إرهابية ضد أهداف غربية في مالي، وحذرت من هجومًا إرهابيًا كبيًرا يجري التحضير له في دولة مالي ويستهدف رعايا دول غربية، مضيفة أن التحذير يشمل أيضا الجزائر، النيجر، موريتانيا، المغرب، تونس وبوركينافاسو.

وفي تقرير قدمه الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريس" إلى مجلس الأمن الدولي،في فبراير الماضي،أوضح أن جماعة "بوكو حرام" النشطة في منطقة غرب افريقيا،لا تزال تشكل تهديدا خطيرا على الأمن الإقليمي، إذ لايزال عدة آلاف من المقاتلين تحت إمرتها وتم تجنيد معظمهم محليا، إضافة إلى مقاتلين أجانب تم تجنيدهم من نفس القبائل العرقية، كما لا تزال "بوكو حرام" تستخدم السكان كانتحاريين، إضافة إلى سعيها المستمر لتمديد نطاق نفوذها وارتكاب أعمال مسلحة خارج نيجيريا".

وفي يناير الماضي، أكد مركز "كارنيغي" للشرق الأوسط، أن تنظيم "داعش" الارهابي في العراق وسوريا سيختفي لا محالة، إلا أنه سيعود في أشكال أخرى، إذ أن التحول ما هو إلا مسألة وقت، محذرا من انه على تونس والجزائر ودول الساحل، ايجاد حل للوضعية الأمنية في ليبيا لتفادي انتقال الإرهابيين.وحذر المركز من أن منطقتا شمال افريقيا والساحل،ستشهد اضطرابات أمنية بالنظر إلى الانتكاسات التي يتعرض لها تنظيم "داعش" الارهابي في ليبيا، وأيضا في حال عودة المقاتلين التونسيين من بؤر التوتر الى بلدهم، وقال ان هناك من يريدون الذهاب إلى الساحل لأنها أرض خصبة لهذا النوع من التنظيمات الارهابية.

وأشار الى ان بعض التنظيمات المتواجدة في المنطقة كتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وجماعة "المرابطون" و "أنصار الشريعة" في كل من تونس والجزائر ومنطقة الساحل، لن تتوانى في استغلال موجة عودة الارهابيين من سوريا والعراق، وتنقل آخرين من ليبيا، لمزيد من الدعاية والتحرك، مبرزا أن التهديد الإرهابي سيستمر في شكل جديد.

ويوحي تصعيد الهجمات مؤخرا والتحركات على عدة جبهات الى سعي التنظيمات الارهابية إلى لمِّ شملها وإعادة ترتيباتها لتعزيز قدرتها ونفوذها في الدول الافريقية وهو ما سيؤدي الى حدوث المزيد من التدهور في الأوضاع الأمنية مما يؤثر سلبا على الازدهار الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة.
عبدالباسط غبارة – بوابة افريقيا الإخبارية