"المَهْدِيُّ المُنْتَظَر يَنْتَظِرُ دَوْرَهُ الاسْتِخْبَارَاتِي"..!!!

سبت, 02/28/2015 - 12:20
القاضي أحمد بن عبد الله

 

تَوَقَّفْتُ كثيرا خلال الأيام الأخيرة عند المقال الذي كتبه الكاتب السعودي المتخصص في الاتصال السياسي والاستراتيجي سلمان الأنصاري لشبكة (سي أن أن عربية) تحت عنوان: "المهدي المنتظر ينتظر دوره الاستخباراتي"..

يستعرض الكاتب في الأول الاعتقاد ـ السائد لدى طرفي الأمة الاسلامية (السنة ـ الشيعة) ضمن منظومة معتقدات أشراط الساعة ـ المتعلق بالمهدي المنتظر، ويبين بإيجاز الاختلاف بين عقيدة الشيعة والسنة حوله، ثم يخلص للفكرة الأساسية التي يقدمها..

وتدور حول إمكانية تمثيل سيناريو يهز استقرار المُسْتَقِرِّ حتى الآن في منطقة الشرق الأوسط، وذلك باستدعاء فكرة "المهدي المنتظر" وتجسيد الموروث المكتوب حولها، وإخراجها بتقنية سينمائية هيلويدية، وترويجها إعلاميا، وعلى ذلك فإن "المهدي القادم" ربما لن يكون سُنِّيًّا أو شيعيا، بل قد يكون هوليوديا، حسب ما يستشرف الكاتب..

يرى الكاتب أن تاريخ المنطقة مع استغلال الاعلام في الصراع الطائفي، وتحويل الإعلام بكافة أطيافه للإرث الديني والثقافي إلى واقع ملموس، وقيام جماعات ـ يسمي بعضها ـ باستمداد قوتها من "خلال وضع مِثَالٍ حَيٍّ لكلام كان مكتوبا قبل عدة قرون"، يدفع بهذا الاتجاه، ويضيف: <<..الدموية والحرق والسبي والفتك والتنكيل بالخصوم وتكفير جميع البشر كان جزء لا يتجزأ من إرث مدون ومكتوب وعلى علاته، فالسيناريو والحوار كانا موجودين..>>، والجماعات المذكورة إنما <<..عملت فقط على جانب الإخراج والتمثيل بالطرق الهوليودية..>>..

ومع سهولة قلب جميع موازين القوى، بتحريك الشعوب باستخدام الإعلام الموجه، وبالأًخص "البروباغاندا." فإن ذلك يجعل من غير المستبعد  <<..أن يتم توظيف الإيمان المطلق بالتراث الإسلامي من خلال حبك قصص إعلامية تتحدث عن خروج المهدي، ليتم من خلال ذلك زعزعة استقرار أي نسيج مجتمعي لدى أي دولة إسلامية..>>...

ويصل الكاتب إلى أنه لنا أن نتخيل لو قامت جماعة ما باستغلال الموروث الديني حول "المهدي المنتظر" وتم اختلاق قصة وهمية عن ظهوره، وتم تصويره وخلق زخم إعلامي مهيب لوجوده، وتمت بيعته من طرف بعض الشخصيات المشهورة، وذلك في ضوء عدم استبعاد وجود دعم استخباراتي من نوع ما لمثل تلك الجماعة.. 

فالمشكلة الأساسية ـ من وجهة نظر الكاتب ـ لا تكمن في من يمكن أن يعمل "هذه الخطط الإعلامية التدميرية، بل تكمن في المجتمعات غير الموفقة في مناعتها الثقافية"..

"فسيناريو وحوار الإرث الثقافي جاهز للإخراج والتمثيل" والمجتمعات المستهدفة جاهزة لإستقبال هذه الأخبار، ويمكن ذلك بالسخرية، أو بالفزع المؤدي للقلاقل والتفكك..

شخصيا: كمتابع بدقة لما يجري في عموم المنطقة ـ وإن من زاوية أخرى، ومنطلق آخر ـ وكمؤمن بفكرة "المهدي المنتظر" للأدلة النقلية المقبولة فيها، ولأدلة عقلية أيضا ـ ومع عدم متابعتي للكاتب في بعض الألفاظ والاطلاقات التي استعملها، وكذا في بعض الإيماءات التي أومأ بها ـ أرى أن الفكرة التي يتحدث عنها المقال جديرة بأن توضع في الحسبان، ويحسب لها حسابها كَشَرٍّ قد يدرك الناس، فتَصَوُّرها تَصَوُّرٌ استشرافي ذكي يعي صاحبه الواقع الحالي جيدا..

أقول هذا، في ضوء فهمي الشخصي لما يجري في عموم المنطقة في إطار فتن آخر الزمان المقطوع بصحة وقوعها، واعتباري للإعلام بمفهومه العام من أعظمها، وأشدها وقعا..

مستصحبا الأدلة الشرعية (الأحاديث الصحيحة والحسنة) المثبتة لظهور دجاجلة كذابين بين يدي الساعة، إذ قد لا يكون "المهدي المنتظر الهيلويدي " إلا أحدهم..