طواف الساحل الدولي للدراجات الهوائية... بداية موفقة

أحد, 04/08/2018 - 13:38

لقد أضحت حضارة الشعوب تقاس بنتائجها الرياضية وبدينامية حركتها الشبابية، فلم تعد الرياضة كمالية إنما أصبحت صناعة ونمط عيش وتعبيرا عن ثقافة تعكس مستوى الرقي في البلد. وكذا أبعادها التي تتعدى الحركة البدنية فهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بثقافة وبيئة وصحة المجتمع. فالرياضة بأنواعها تبعد الشباب عن الآفات المجتمعية (الانحراف، التطرف، الإرهاب...)؛ كما أن الحركة الشبابية والرياضية هي من أهم عناصر تطوير المجتمع وتعزيز الانصهار الوطني فيما بين شرائحه المتنوعة وكم نحن بحاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لمشاريع توحد الموريتانيين بعيدا عن أي انقسام. وفي هذا الإطار أخذت السلطات العمومية في السنوات الأخيرة على عاتقها تطوير الرياضة، وبذلت جهودا كبيرة منها على سبيل المثال: تشييد البنى التحتية الرياضية في عموم البلاد (الملاعب ودور الشباب)؛ وإنشاء معهد عالي للشباب والرياضة؛ وتكفل الدولة بمشاركة المنتخبات الرياضية الوطنية في المنافسات القارية والدولية؛ وإنشاء قناة رياضية؛ والأهم في ذلك كله اعتماد يوم وطني للرياضة من طرف الحكومة في السبت الأول من كل أبريل منذ 2012؛ وقد عرفت فعاليات النسخة الحالية (السادسة) لليوم الوطني للرياضة الذي دأبت وزارة الشباب والرياضة على تنظيمه منذ ست سنوات تنظيما لحدث مهم جديد، يتعلق الأمر بالدورة الأولى لطواف الساحل للدرجات الهوائية الذي أعطى إشارة انطلاقه في يوم 1 إبريل 2018 فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز واختتم في مدينة أزويرات. وقد شارك في هذا الطواف أربع فرق موريتانية وأربع فرق أجنبية (المغرب، الجزائر، السينغال وغينيا)، لعل تنظيم هذه الدورة بالتعاون بين وزارة الشباب والرياضة والاتحادية الموريتانية للدراجات الهوائية هدفها الأسمى تحسين الصورة النمطية لموريتانيا في الداخل والخارج. وقد وفق القطاع المعني بتنظيم التظاهرة في النقاط التالية: 1-تسمية التظاهرة بطواف الساحل الدولي، فكلمة"الساحل" التي لن نخوض في معانيها اللغوية وإن كانت تعني شاطئ البحر، و"كلّ منطقة من اليابس تجاور بحرًا، أو نهرًا أو مُسَطّحًا مائيًّا كبيرًا، وتتأثّر بأمواجه"، وهنا تأتي مدينة انواكشوط الساحلية التي هي نقطة انطلاق الطواف، بالإضافة إلى ما سبق، أصبحت "الساحل" مصطلحا جيو-سياسيا عالميا معروفا لدى المنظومة الدولية وتعني التكتل الإقليمي لمجموعة دول الساحل الخمس G5 SAHEL، والذي تعتبر موريتانيا عضوا مؤسسا له. أما البعد الثقافي المحلي فـ "الساحل" حاضرة كمصطلح محلي يطلق على جهة من جهات الوطن وتعني الولايات الشمالية التي هي محطات للطواف، وهذا البعد يضفي على الطواف سياسة تسويقية تدخل في إطار السياحة البيئية والتراث الوطني؛ 2-اختيار المكان أو البيئة الجغرافية، حيث يعبر الطواف في مراحله الأربعة منطقة مستوية في الغالب إذا ما استثنينا المرتفعات المحاذية لواد سكًليل (عين اهل الطايع)، فنجاح الدورة الأولى يتطلب اختيارا مسار مناسب حتى يتسنى للفرق الوطنية المشاركة في السباقات اكتساب الخبرة اللازمة في النسخ اللاحقة التي قد تأخذ مسارا أكثر تعقيدا؛ 3-اختيار المسار وتقسيمه إلى مراحل انواكشوط- اكجوجت كمرحة أولى، بعد ذلك مرحلة أكجوجت-أطار واختتام الطواف في أزويرات، فمسار هذه النسخة ، تم اعتماده من قبل خبير في الاتحاد الدولي للدراجات الهوائية، يتوفر على بنية طرقية جيدة وحديثة وقليلة المنعرجات والمطبات وكذا مؤهلات فندقية وسياحية ومناظر طبيعية متعددة ومتنوعة. 4- وأخيرا التنظيم المحكم لهذه التظاهرة، فقد جرى هذا الطواف في ظروف جيدة وهو ما يحسب للقائمين عليه بالتعاون مع السلطات العمومية والأمنية، حيث لم تسجل أية حوادث تذكر حتى الوصول إلى نقطة النهاية، فقد رافق الطواف فريق طبي متكامل وسيارات للحماية المدنية إضافة إلى السلطات الأمنية. إن طواف الساحل الدولي للدرجات الهوائية لا شك أنه حقق بعض الإيجابيات على المستوى المحلي والوطني منها: -احتكاك الرياضيين الوطنيين المشاركين في السباق بنظرائهم من دول الجوار - اكتساب الخبرات في تنظيم هذا النوع من التظاهرات الرياضية؛ -إبراز التجربة الموريتانية في مجال التنظيم والضيافة التي اكتسبتها بلادنا من خلال تنظيم هذه التظاهرات والدليل على ذلك نجاح بلادنا في تنظيم الاجتماع الأخير للمكتب التنفيذي للفيفا، وتنظيم بطولة «Challenge Trophée» في منطقة إفريقيا الثانية لكرة اليد في الشهر الماضي... - دفع تنمية رياضات سباق الدراجات الهوائية على المستوى الوطني والمحلي لدى لشباب لضمان تأطيرهم وتحضيرهم الجيد للمشاركة في المنافسات الدولية؛ - الترويج السياحي المباشر من خلال مشاركة الدارجين من مختلف البلدان وحضور محبي هذا النوع من السباقات لمؤازرة الدراجين الوطنيين، والترويج غير المباشر من المتابعين للطواف من خلال وسائل الإعلام الوطني (القناة الرياضية)؛ وتشجيع الاقتصاد المحلي في محطات الطواف. وفي الأخير فهو عمل وطني رسمي وعلى الرغم من البدايات وما يرافقها عادة من مشاكل تنظيمية وفنية وإكراهات بيئية...فإن هذه النسخة من الطواف وضعت لبنة أساسية يمكن إجراء التحسين عليها في السنوات القادمة، بالإضافة إلى أن حاجة هذا النوع من التظاهرات إلى الحس الوطني والمسؤولية والعزيمة حتى تحقق أهدافها المنشودة. الكاتب الصحفي محفوظ ولد حدمين