واشنطن بوست: لماذا يصرّ تنظيم "داعش" على استفزاز الغرب بوحشيته؟

أربعاء, 12/17/2014 - 12:31

'لا مزيد من أشرطة قطع الرؤوس''، كانت هذه نصيحة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري لأبو مصعب الزرقاوي في رسالة سنة 2005، "أقول لك إننا في معركة، وأن أكثر من نصفها يدور في ساحات الإعلام"، أضاف الظواهري معرباً عن قلقه. ذلك لأن تنظيم القاعدة في العراق كان قد بدأ يفقد التأييد بين المسلمين، لكن نجد أن نصيحته تنطبق أيضاً على قائد تنظيم الدولة الإسلامية.

أكثر ما يتمنى التنظيم تحقيقه هو إعادة تأسيس دولة الخلافة في الشرق الأوسط. وللقيام بذلك، فإنه في حاجة إلى ترسيخ قبضته على الأراضي التي يسيطر عليها في العراق وسوريا، والحفاظ على الخصوم الإقليمية في الخليج، وكذلك بتضخيم عدد المؤيدين الذين يطمحون إلى العيش في ظل حكم المتعصبين للشريعة الإسلامية.

في أول خطبة عامة له كخليفة في شهر يوليوز، ناشد أبو بكر البغدادي "المسلمين في كل مكان إلى العودة لدولتهم، وطالب ''كل من هو قادر على أداء الهجرة إلى الدولة الإسلامية بفعل ذلك، ووعد بالسماح لهم بالقيام بذلك."

إن من أنجع السبل التي يمكن لتنظيم الدولة الإسلامية تعزيز مكاسبها عبرها هي تجنب الوحشية اتجاه المسلمين، وأيضا اتجاه القوى الغربية. يجب ألا يَقتل التنظيم الغربيين، وخاصة المواطنين الأمريكيين والبريطانيين، وألا يرتكب جرائم ضد الولايات المتحدة والمنشآت في المملكة المتحدة، كما يجب أن تمتنع داعش عن تنفيذ عمليات إرهابية ضد أوروبا وأمريكا الشمالية أيضا.

الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاؤهما لا يرغبون في حرب مفتوحة، خاصة ضد مجموعة إرهابية متعصبة لم تهاجم مباشرة أوطانهم، لكن خطر زعزعة الاستقرار الإقليمي عبر اضطهاد أقليات كاليزيديين، قد يحرّك بعض ردود الفعل الغربي. فلو لم تقم الدولة الإسلامية بتحريض الغرب مباشرة عليها، كانت لتكون أمامها فرصة جيدة للصمود في وجه تفكيره في محاربتها، لكن يبدو جليا أن الدولة الإسلامية لا يمكنها أن تقاوم ميولها اتجاه الوحشية.

ممّا لا شك فيه أن الفيديو الذي شاهده الرئيس السوري بشار الأسد، والذي يظهر خلاله مشهد قتل جنوده، قد أعطى مفعولا، فالفيديو قد ساعد الدولة الإسلامية كثيرا فيما يخص مواصلة استقطاب الجنود، بالإضافة إلى أشرطة الفيديو التي وثقت في وقت سابق مقتل اثنين من الأميركيين واثنين من البريطانيين.

خرج القادة الإسلاميون في جميع أنحاء العالم، المعتدلين منهم والمتطرفين، بخطابات ضد خطاب تنظيم الدولة الإسلامية. ففي شتنبر الماضي مثلا، أصدرت المؤسسة الدينية في المملكة العربية السعودية فتوى معلنة من خلالها أن الإرهاب جريمة يعاقب عليها بالإعدام.

وفي شهر شتنبر أيضا، أدان مجلس مسلمي بريطانيا ''العنف العقلي'' الذي يمارسه تنظيم الدولة الإسلامية، في حين قال مفتي مسجد الأزهر في مصر إن "التنظيم يقوم بتشويه صورة الدين الإسلامي فضلا عن سفك الدماء ونشر الفساد." يوسف القرضاوي، وهو رجل دين مسلم محافظ، ناشد بدوره المسلمين السنة عدم الذهاب إلى سوريا لدعم التنظيم الإرهابي.

كلفت دموية الدولة الإسلامية تسليط الضوء على أنشطتها أكثر من أنشطة أي جماعة جهادية أخرى، وقبل قطع رأس كل من الأمريكيين جيمس فولي وستيفن ستلوف بفترة وجيزة، وافقت نسبة 52 في المئة من الأميركيين على الضربات الجوية ضد الدولة الإسلامية.

اعتبارا من أواخر شهر أكتوبر، ارتفع هذا العدد إلى 76 في المئة، على الرغم من أن استطلاع CNN وجد أن 45 في المئة من الأميركيين فقط من يؤيدون إرسال قوات برية الى العراق أو سوريا، لكنها لاحظت أيضا أنه إذا هاجمت الدولة الإسلامية السفارة الأميركية في بغداد، دعما لنشر قوات برية ستكون نسبة التأييد في حدود 72 في المئة. وكذلك في بريطانيا، 37 في المئة أيدوا العمل العسكري ضد الدولة الإسلامية في غشت. ولكن في استطلاع جرى في أكتوبر، أي بعد تسجيل فيديو قطع رؤوس الرعايا البريطانيين ديفيد هاينز وألان هينينج، ارتفع العدد إلى 59 في المئة.

هذا التحول الكبير في الرأي العام يخلي الطريق أمام الضربات الجوية، والتي بدورها جعلت المكاسب الإقليمية أكثر صعوبة بالنسبة للدولة الإسلامية. أما عن الاستراتيجية الأمريكية الحالية فلديها بالتأكيد عيوبها، التي من بينها الاعتماد على القوات المقاتلة غير الموثوقة، مثل الجيش السوري الحر والجيش العراقي، لاستعادة السيطرة على الأراضي.

لماذا لا تقوم الدولة الإسلامية بحماية مصالحها والامتناع عن اصطياد أعدائها بوحشية؟ الجواب ببساطة لأن المشكلة عندها أيديولوجية. وتصريحاتها الأخيرة تبدو أكثر من الدعاية، لأنها تعكس المعتقدات الحقيقية للتنظيم. ولذلك ينبغي أن نتوقع أن يقوم تنظيم الدولة الإسلامية بمواصلة الوحشية وضرب مصالح الغرب.

واشنطن بوست ـ آ.بيريتز/ ترجمة: إ. السعيدي

*محلل مكافحة الإرهاب بوكالة المخابرات المركزية، ومساهم في أبحاث الأمن القومي في جمعية هنري جاكسون في لندن.