العلامة إبراهيم بن يوسف بن الشيخ سيدى يوجه رسالة لرئيس الجمهورية

أربعاء, 05/13/2020 - 12:19
  إبراهيم بن يوسف بن الشيخ سيدى

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين 

رسالة موجهة إلى/
 صاحب الفخامة السيد رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية ـــ  الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، 
وبعد، فإنى أهنّئ فخامتكم بإطلالة العشر الأواخر من رمضان التى تُلتمَس فى أوتارها
الليلةُ المباركة التى أُنزِل فيها القرآن تِبيانا لكل شىء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين،  سائلا  المولى عز وجل أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يجعلنا وإياكم من عُتقائه من النار فى هذا الشهر العظيم، إنه سميع مجيب.
فخامة الرئيس
لا يسعنى إلا أن أشكركم على ما قدمتم، وعلى ما تنوون تقديمَه لشعبكم من أعمال وإنجازات هو فى أمسّ الحاجة إليها، مقدرا  ــ مع ذلك ــ خصوصية الظرفية. 
وقد رأيت أن أوجه إلى فخامتكم هذه الرسالة بعد قراءتى لنص القانون المثير للجدل الموسوم بقانون مكافحة العنف ضد المرأة، الذى سيعرض قريبا على البرلمان.
فخامة الرئيس 
يقول الله تبارك وتعلى: (الذين إن مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة وءاتوُا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور).
فمسؤوليتكم الجسيمة تنحصر فى إقامة الدين، وسياسة الرعية به، وذلك ما أشارت إليه الآية الكريمة أعلاه. ونحن ننتظر ذلك
منكم لأكثرَ من سبب، ونطالبكم به بإلحاح، ونسأل الله تعلى أن يوفقَكم له، ويعينَكم عليه.
 فأول واجب على الحاكم هو تحكيم شرع الله تعلى، ونبذُ كل ما سواه من أنظمة وقوانين وضعية مخالفة.
فخامة الرئيس
لقد رأيت فى القانون المذكور جملة من المخالفات الشرعية لا يتسع المقام لسردها.
ولكن يمكن إجمال الحكم عليه بأنه لا يصلح لبلد مسلم، وأنه مستنسَخ أو مستمَدّ من قوانينَ أجنبية، وأن ضرّه أكبر من نفعه، وأنه يهدف إلى إلغاء سلطة الرجل على بيته وأهله، وإلى تفكيك الأسرة، وزرع الشقاق بين أفرادها، وخلق مناخ دائم من التوتر ، بما اشتمل عليه من تهويل، واستنفار لا مسوّغ له لطاقات هائلة ومحاكمَ خاصة، ووسائلَ كثيرة مختلفة وتجهيزات وتمويلات  كان من الأجدى أن توجّه وجهة أخرى.
وللمرء أن يتساءل عن دوافع كل هذا الاستنفار، وعن مدى الحاجة إلى كل هذا الاستعداد الذى لم يسبق له مثيل فى هذه البلاد، وكأن موريتانيا هى بؤرة إذلال المرأة، ووكْر العنف الأسرىّ، ورمزُ ظلم المرأة واضطهادها؟ وكأن مشكلتها الوحيدة ومعضلتَها الكبرى هى وضعية المرأة فيها!
وله أن يتساءل عن دواعى اعتماد الدولة "استراتيجية للكشف المبكر عن العنف ضد المرأة فى الإطار الأُسَرىّ"؟
ثم إن هذا القانون يفتح المجال لأن تتدخل منظمات أجنبية، وهيئاتٌ "حقوقية" فى أخصّ خُصوصياتنا، وتكونَ طرفا فيها. 
وذلك ما نرى فيه نيلا من سيادتنا وكرامتنا، وإفسادا لنسائنا وبناتنا.  
فخامة الرئيس
إننا بلد مسلم يَدين أهله بالإسلام، ويرضَوْنه حكَما فيما شجَر بينهم، لا يبغون عنه حِوَلا، ولا به بدَلا، وهم فى غنى عن هذا القانون، 
وعن كل تشريع وضعىّ آخرَ محلّىّ أو مستورَد، بما شرَعه لهم ربُّهم عز وجل فى كتابه العزيز، وعلى لسان رسوله الصادق المصدوق ــ عليه أزكى الصلاة وأفضلُ التسليم.
ونظرا لضيق وقتكم، وحجم مسؤولياتكم، فإنى سألخص أهمّ ما أوَدّ إبداءَه لفخامتكم فى هذا المقام، فى النقاط التالية: 
1 ـــ فى البلد المسلم لا يحتاج الناس إلى استيراد التشريعات من دول الكفر أو منظماتها، أو صياغة القوانين، أو تعديلها، لتوافق ما عند
الكفار، لأنهم لن يرضَوا عن الأمة حتى تتّبع ملتهم الباطلة. (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم)؛
إلا أنه يمكن للبلد المسلم أن يستورد الصناعاتِ والمهاراتِ والحِرَفَ والأجهزةَ والآلاتِ والخبراتِ الفنيةَ المختلفةَ من جميع البلدان، ويستعينَ بغير المسلم وتجربتِه فى هذه المجالات ونحوها، ولكن لا يجوز له أن يأخذ منه العقائد والأحكام.
فقد أذِن رسول الله صلى الله عليه وسلم  فى حفر الخندق، وختْم الرسائل، و صناعة المنبر،  وكلها صنائع ومهارات مستفادة من أمم كافرة مجاورة. 
فالبلد المسلم  ــ كما تعلمون ــ فخامة الرئيس ـــ يتبع شريعة الله، ويحكم بها، ويحاكِم إليها، ولا يتبع أهواء الذين لا يعلمون. 
قال الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم: (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض  والله ولىّ المتقين)، وقال سبحانه: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك).
2ــ إن الشريعة الإسلامية كاملة، تامة، لا تحتاج إلى ترقيع، أو تذييل، ووافية بجميع مصالح العباد عاجلا وآجلا. (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا).
3ــ إن  شريعة الله لم تهضم حق أحد، حتى ولو كان كافرا، متمردا على الله، فقد كرَّمت الإنسان، وضمِنت له حقوقَه كاملة غيرَ منقوصة،
ورسمت له بشكل واضح سبيلى النجاة والهلاك. (ولا يظلم ربك أحدا)، (إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسَهم يظلمون)، (ولقد كرّمنا بنى آدم وحملناهم فى البرّ والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا)، (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبْتليه فجعلناه سميعا بصيرا إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا).
4ـــ إن الشريعة الإسلامية كرّمت المرأة بشكل خاصّ، وجنّدت لها جندا من الرجال يقومون عليها، ويسهَرون على مصلحتها وحمايتها، من زوج وابن وأب وأخ وعمّ... بعد أن كانت لحما على وَضَم فى المجتمعات الجاهلية، وسلعة رخيصة فى معارض الرِّيَب والشهوات.
  وكان وأد البنات ودسُّهنّ فى التراب خشية العار فاشيا فى بلاد العرب، وكان أكثر أنكحتهم سفاحا، وكانت على أنحاء أربعة، ومن أشنعها الاستبضاع لما فيه من زنا المتزوجة برضاها وبأمر من زوجها، فاجتمع فيه قبح الدياثة  وشُنْعة الفاحشة واختلاط الأنساب. 
وقد جاء  تفصيل تلك الأنحاء فى صحيح البخارىّ وسنن أبى داوود وغيرهما. 
فخامة الرئيس
إن دعاة التغريب لا يريدون  ــ فى الحقيقة ــ لشعبنا المسلم المحافظ إلا أن ينزلق إلى قاع الرذيلة، باسم التحرر وتقدم المرأة، كما انحدرت الجاهلية الأولى إلى الاستبضاع، وغيره من ألوان السفاح، وكما تغرق الحضارة المادية الحالية فى مستنقَعات الفُحش والشذوذ.
ولنا أن نتساءل عن التقدم الذى سيَحظى به مجتمعنا إذا خرجت المرأة والفتاة عن طاعة وليّها، فى المعروف؟
وعن التأخر الذى سننحدر إليه  إذا حافظت المرأة على عِفّتها وكرامتها؟ 
وعن الكارثة التى ستحل بنا إذا زُوِّجت الفتاة قبل السن التى تحددها القوانين الوضعية؟
فهل كان دخول النبىّ صلى الله عليه وسلم بعائشة ــ رضى الله عنها ــ وهى بنت تسع سنين، إلا خيرا وبركة؟ 
ومن ذا الذى يجرؤ من المسلمين على القول بأن هذا الزواج كان جريمة فى حق عائشة؟؟؟
ولماذا يصرّ الواضعون لهذا القانون المستجدّ على سن الثامنة عشرة، ويمنعون زواج الفتاة قبلها، ويجرّمون عليه؟
منْ أىّ قرآن أمَ اَ يَّــــةِ سنة؟    أمْ أىّ إجماع من العلماء؟
وبالجملة فلنا أن نتساءل عن التخلف الذى سيَحيق بالمجتمع إذا تمسك بدينه وكتاب ربه؟
ألم تكن الأمة الإسلامية أقوى الأمم وأكثرَها تقدما ورُقيّا فى جميع المجالات يوم كانت متشبثة بالدين الحق، مدافِعة عنه، مصدّرة له بكل تفانٍ وإخلاص؟
إن جميع ما نادى به الغرب والناعقون باسمه، من أبناء جلدتنا، فى البلدان العربية وغيرها من بلاد الإسلام، تحت هذه الشعارات الإبليسية، منذ القرن الماضى لا يعدو ما ذكرنا، وهو فى حقيقته نسف للشرائع والقيَم والأخلاق.
فخامة الرئيس
 لقد هان  المسلمون على أعدائهم حتى  موّلوا لهم الحملات لتجريم خِفاض بناتهم وتحريمه، وحتى سنّوا لهم ذلك العمر "المناسب" عندهم لتزويجهن!!!
وهكذا تتوالى إملاءاتهم وتتتابع تعليماتهم، وكأنهم أولياء وأوصياء على أمة قاصرة تابعة ذليلة.
وما كان لهذه الأمة العظيمة التى شرفها الله تعلى، ونوّه بها فى كتابه العزيز بقوله جل من قائل: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)، وقال سبحانه: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) أن ترضى بالدنية، وتقبل الذلة والمهانة، وتستبدل الذى هو أدنى بالذى هو خير.
أليس فى القرآن من حقوق المرأة وآداب العِشْرة،  وأحكام الأسرة ما يكفى ويشفى؟
(أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن فى ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون).
لقد نصت الشريعة الإسلامية على أحكام  الزواج ونظام الأسرة، بشكل دقيق شامل ومفصل، ولم تترك الأمر مفتوحا للرأى والاجتهاد. 
بل بينت بالنص لكل من الطرفين ما له من حقوق، وما عليه من واجبات فى جميع المراحل، وفى كل الظروف، بلا استثناء، وشرعت الحدود حماية للأسرة والمجتمع. ولم تدَع حاجة إلى مسودات وضعية تظهر فى آخر الزمان  تتحدث عن الاغتصاب، والتحرش الجنسى، والعنف ضد المرأة...
5ـــ  إن كل ما شرعه الله عز وجل فى كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من أحكام تتعلق بالمرأة والأسرة، من لباس وزينة وسفر وخلوة وخِطبة ونكاح وصداق ونفقة وسُكنى، ورضاع وفطام وتربية، وطلاق وخُلع ونشوز وإصلاح بين الزوجين وبعث للحكَمين، ومن ظهار وإيلاء ولعان، وتمتيع وعِدَد، ومن تعدُّد، وقَسْم فى المبيت، ومن حضانة واستئذان، ومن حدود ومواريث...وغير ذلك من سائر التشريعات الخاصة والعامة،  فهو الحق والعدل والحكمة والمصلحة، ولا يسع المسلمين مخالفتُه، أو تغييرُه أو تبديلُه، وهو مستوعب لجميع  الظروف والأحوال،كما تقدم، بحيث لم يغادر التشريع الربانىّ صغيرة ولا كبيرة من أحكام الأسرة وحقوق المرأة وواجباتها ومصالحها إلا أحصاها،وبينها غاية البيان.
أفبعد هذا يُحتاج إلى غيره فى بلد مسلم عريق فى الإسلام والعلم والفضيلة؟!!
6ــ جعل الله  ــ عز وجل ــ الرجل قيِّما على المرأة، مَعْنيّا بشؤونها، متوليا لأمورها، فهو القائم بنفقتها، وحمايتها، والذبّ عنها، فيجب عليه برُّها والإحسان إليها إن كانت أما، ومعاشرتُها بالمعروف إن كانت زوجا، وتربيتُها على منهج الله إن كانت بنتا...إلخ.
وقرر ذلك ــ سبحانه وتعلى ــ  فى كتابه العزيز، فصار  أصلا ثابتا فى الشرع، لا يمكن أن يقبل المسلمون خلافَه، فيجعلوا النساء قوامات على الرجال، أو قوامات على أنفسهنّ بدون قيد أو شرط!!! 
قال الله تعلى: (الرجال قوّامون على النساء بما فضل الله بعضَهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم). غير أن هذا القيام الذى شرعه الله عز وجل للرجل على المرأة يسميه أعداء الإسلام قهرا و ظلما واضطهادا.
ومن خلال هذه المسؤولية التى حُمِّلها الرجل وجب عليه شرعا أن يمنع مَن تحت وِلايته، من زوج وبنت، من كل ما حرّم الله ورسوله، كالتبرج وخلع الحجاب، والاختلاط بالأجانب، والخروج المريب، والسفر بغير محْرم، ومن التزين بالوشم والنمص والوشْر والتفليج... والتشبه بالكافرات والعاهرات، وسائر المحرمات والمخالفات الشرعية. 
وبهذا يظهر وجوب تدخل الرجل بالشرع فى كثير من خصوصيات مَوْلِيّته، وأن له تقييدَ حريتها بالشرع، وضبطَ أمورها بالشرع، وإلزامَها بالوقوف عند حدود الشرع التى حدّها الله عز وجل، وحذر عباده أن يتعدَّوْها. 
لكن القانون الجديد يحرم على الرجال أن يتصرفوا على هدًى من هذه الوِلاية الشرعية، ويعرّضُهم للعقوبات!
والواقع أن المستحق للتحريم والتجريم هو النص الذى يلغى هذه الولاية، أو يقيدُها بقيود ما أنزل بها من سلطان.
فخامة الرئيس 
 7ـــ  إن الشرع ــ كما تعلمون ــ يكفل للمرأة الحق الكامل فى مزاولة كل نشاط أو عمل يليق بها فى حدود النصوص الشرعية،  ويفرّق
بين حكم الله وبين التقاليد البالية والجهالات المتوارَثة.
8  ــ  الحقيقة التى لا شك فيها أنه لا يوجد فى الشريعة الإسلامية  عنف يمارَس ضد المرأة، فالنساء فيها مكرّمات معزّزات.
وقد حمتهنّ، وكفَلت لهنّ حقوقهن قبل ظهور القوانين الوضعية. 
وما يحدث من مخالفات فى حقهن فى بعض المجتمعات، يقع أضعافه بين الرجال أنفسِهم، ويصدر من النساء إلى الرجال أضعافُ أضعافه. 
وهو من ظلم الناس أنفسَهم، وظلمِ بعضِهم بعضا، والشرعُ بَراءٌ من كل أشكال الظلم، وبيده علاجُه ووسائلُ القضاء عليه.
 وبصفة خاصة، ففى بلدنا كانت المرأة ــ وما تزال ـــ تدْرس القرآن وعلوم الشرع مقاصدَ ووسائلَ، فى كثير من الأوساط، وتدرّس الأطفال والبنات مما علّمها الله، وتربّى الأجيال على الطهر والعفاف والشهامة والفضيلة، وتسهر على مصالح بيتها ومحيطها، وتُسهم إسهاما كبيرا فى كل المجالات والخِدْمات.
وبهذا ظل المجتمع متماسكا، محافظا على دينه وقيمه وأخلاقه.
 وأما فى هذا العصر فقد تبوأت المرأة، فى ظل الأنظمة المتعاقبة، أغلب الوظائف السامية، ونالت غاية حريتها فى العمل والدراسة والسفر والتجارة بدون أىّ رقابة من الرجل، أو تدخُّل من الأسَر، وترشحت للرئاسة، وشرّعت فى البرلمان، وأصبحت كالرجل فى جميع المجالات المدنية والعسكرية.
فإن كان هذا هو التقدمَ والرُّقىَّ ـــ  حسب مفهوم الغرب ومنظماته وأتباعه ــ فقد حصل، وإلا فعن أىّ شىء بعده يبحثون؟
فخامة الرئيس
9 ـــ إن الحريات الجنسية التى يريد أعداء الإسلام إحياءَها اليوم فى المجتمعات المسلمة، وتصديرَها إلينا باسم الانفتاح والتحرر من ربقة الماضى، وقيود المجتمع، وهى فى شرعهم لا تكون جريمة إلا إذا كانت على وجه الإكراه، لا على وجه التراضى.
ودساتير بلادهم وقوانينُها تكفل ذلك، وتحمى الطرفين حماية كاملة من كل ملاحقة أو متابعة قانونية.
نعم، تريد الجاهلية الغربية المعاصرة فرض كل أشكال البهيميَّة تدريجيا على المجتمعات المستضعَفة، ولا سيّما المسلمة، تحت تلك الشعارات البراقة الهدامة التى تغُرّ ولا تسُرّ، كالحريات الشخصية، والتقدم، والرقىّ، والنهوض بالمرأة، ومساواتها للرجل...
وقد هدمت الشريعة الإسلامية كل  الممارسات البهيمية، وكل ما كان من بابتِها، وشدّدت العقوبات على مقترِفيها، فأحكمت سد الباب دون الزنا، واختلاط الأنساب، حفاظا منها على عفّة المجتمع وكرامته، وطهارته، وصحته، وحفظ نسبه، وقوة تماسكه. وشرعت الجلد والتغريب والرجم عقوبة للزناة، كما هو معلوم من نصوص الكتاب والسنة.
لكن طواغيت الجاهلية الغربية  المعاصرة يرفضون تطبيق الحدود فى بلاد الإسلام، ويرونها وحشية قاسية، ويريدون للمرأة المسلمة التحرر من كل قيد، ويسعون ليلا ونهارا إلى إفساد المجتمعات، بفتح الأبواب على مصاريعها للزناة  والزوانى، وشُذّاذ الجنسين من أهل السِّحاق واللواط، لذلك اشتد تركيزهم على إغواء المرأة، وإغراء الشباب بالفواحش، لأنه إذا فسدت المرأة فسد المجتمع، وإذا انحرف الشباب إلى مستنقع الشهوات تعطل البناء، وبطل النماء. 
و بذلك  تنهار  المنظومة الأخلاقية، وتتفكك الروابط الأسرية، وتَنبَتُّ الأواصر ، ويتلاشى الانتماء للجذور والهُــوّيَّة، ويفشو الجهل، فلا تلبث المجتمعات بجهلها، وارتكاسها فى حمأة القبائح، وانغماسها فى حضيض الفضائح، أن تغدوَ قطعانا من البهائم، تسيّرها الصهيونية العالمية.
وقد أدرك القائمون على هذه المخططات، من صناديد الماسونية وأعوانهم، أنه لن يتم لهم ما يريدون إلا بالقضاء على الدين والأخلاق. فوجهوا كل ما يمتلكون من أسلحة فتاكة مادية ومعنوية لتحقيق هذا الغرض الخبيث، ومهدوا له بأساليبَ شتى.
وكان من أخطر تلك الأساليب والدعايات بعد التعليم والإعلام الموجَّهَيْن، والسياسات  الصحية "الممنهجة"، دعاياتٌ من قبيل حوار الأديان، وحوار الحضارات اللذيْن يُسعَى من خلالهما إلى تذويب الفوارق بين الأمم والشعوب، وطمس الهُوّيّات، ومحو الخصائص والمميزات التى تميز كل أمّة، تسهيلا لتحقيق الغرض المذكور.
نعم. لقد سخّرت الماسونية العالمية لهذا الغرض من الأدوات العلمية والفكرية والقانونية والفنية، وأنشأت له من الهيئات والمنظمات، وخصصت له من الأرصدة والتمويلات، وجنّدت له من القنوات الإعلامية بمختلِف ألوانها ومستوياتها، ومن المناخات السياسية، وعقدت له من المؤتمرات والندوات فى كل أنحاء العالم ما لا يحيط به علما إلا الله.
 (ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن). (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذى جاءك من العلم مالك من الله من ولىّ ولا نصير)، (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا). (يأيها النبىّ اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا
وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا).
فخامة الرئيس
أؤكد لفخامتكم  بإلغاء هذا القانون الجديد، وسائر القوانين والنظُم المخالفة للشرع، وتوجيه الرأى العامّ إلى الاشتغال بما هو أصلح للبلد، وأكثر إلحاحا واستعجالا، وأكثر فائدة، وأعظم عائدة.
 وأنتم  ــ إن شاء الله ــ أهل لكل خير، ومظِنةٌ لكل إصلاح، واللهَ أسأل أن يمنّ عليكم بالتوفيق والسداد، إنه سميع الدعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.    

                إبراهيم بن يوسف بن الشيخ سيدى/ (19 رمضان 1441هـ).