موسى بن يوسف بن عبد الفتاح يكتب .. على مِثْل الشيخ سيديّ تبكي البواكي

اثنين, 08/16/2021 - 19:31

أصمّ بك الناعي وإن كان أسمعا/ وأصبح مغنى الجود بعدك بلقعا.
أعال الدهر أمسِ وخَفَق نجم لطالما ألاح على ربوع "تِندوجهْ" قرآنا وسنة ونهجا مستقيما.
إي لعَمْري لقد أخلف النوءُ وخلا النَّدي وصَوَّح النبتُ واقشعرّت الأرض.
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا / أنيس ولم يسمر بمكة سامر.
تأيّمت المعارف وأرملت الأخلاق وأسْنت الجود واستوت أكتاف الناس فما يُوسَى على فائت وليس يُفرح بآت.
فشأن المنايا إذْ أصابك ريْبها / لِتَغْدُ على الفتيان بعدك أو تسري
ولّى الحبر الكمال الشيخ سيدي فولّت المكرمات وذَوَى عودها، ووَهَتْ قُبّة الحسنات ومال عمودها.
مضوا وكأن المكرمات لديهمُ/ لكثرة ما أوصوا بهن شرائع
فأي يد في المجد مُدّت فلم تكن / لها راحة من مجدهم وأصابعُ؟
عاش حميدا ومضى إن شاء الله محتسبا شهيدا من أظمأ هواجره وحَمى بوادِره.
عاش حميدا ومضى إن شاء الله محتسبا شهيدا من سامر القران وألف الإحسان.
عاش حميدا ومضى إن شاء الله محتسبا شهيدا من نبذ الدنيا وراء ظهره فلم يَكْترث بحاليْه عُسرِه ويُسرِه.
عاش حميدا ومضى إن شاء الله محتسبا شهيدا من لم تأته المحاسن عن كَلالهْ ولا ورث الهدى عن ضلالهْ.
عاش حميدا ومضى إن شاء الله محتسبا شهيدا من ألان مِهاده ومهّد وِهاده.
عاش حميدا ومضى إن شاء الله محتسبا شهيدا من اعتام الصالحات وهتك حجاب المشكلات.
عاش حميدا ومضى إن شاء الله محتسبا شهيدا من قل عِثاره وكرُم نِجاره.
عاش حميدا ومضى إن شاء الله محتسبا شهيدا من:
- عَلِم المعارف والمعانيَ والمعا / ليَ مِن أب نَبِهٍ بهنَّ عليم.
- شيخ هَدى مَن ضلّ عن سنَن الهدى / حتى كسا الأنوار كل أثيم
- عمَّ الأنام بهديه وأمدَّهمْ / كلًّا بفيض من نداه عميم
-وردتْ حياض نواله وعلومه /  هِيمُ الورى فشفى غليلَ الهيم
-في كفه رزق الأنام فكلهمْ / ساعٍ لموضع رزقه المقسوم
-فترى البيوت أمامه مملوءة / ما بين ناوي رِحْلَة ومقيم
-كُلًّا بنسبة ما يحاول خصه /  من قوت أفئدةٍ وقوتِ جسوم
-لم يكفه المَيْر الكثير لدى القرى /  كَلّا ورسل الكوم نحر الكوم
-فترى بساحته الدمَاء وفرثَها / ولَقى العظام جديدة ورميم
-وترى القدور رواسيا وترى الجفا / ن لوامعا بحواضرِ المطعوم
-من قاسه بالأكرمين فإنه /  في الشأو قاس مُجليا بلطيم
-بل قاس ملتطم البحار بنطفةٍ / والروضَ غضا ناضرا بهَشِيم
-يا حبذا ذاك الكمال وحبذا / جلساؤه من زائر وخديم.

فرحمك الله أبا عبد الله، وإنْ كنتَ من الإسلام لبمكان مكين.
وعزاؤنا فيك أن في الله خَلَفا من كل هالك، وهذا الإمام أحمد المُرتضى مَن غشّى بِسَنا عِلمه كلَّ مُدْلهمة وأضا، ثوريُّ زمانه ومالك أوانه.  
وهذاك فخامة الندى والسَّيْب المُجتدَى قريعُ دهره ونسيجُ وحده، مَن لم يسمح الزمان بمثله ولا جادت الأيام بشبهه. 
وذان عبد الله وعبد الرحمن الماجدان القرمان. 
إذا مات منا سيد قام بعده/ له خلف بادي السيادة بارعُ.
فإنا لله وإنا إليه راجعون:  لقد هُدَّ مِن ركن العلم ماهُد وتَهدّم مِن العلياء ماتهدم. "فما كان قيس هُلكُه هلك واحد/ ولكنه بنيان قوم تَهدما".
لقد غيَّبوا في ثرى "تِندوجه" علما كثيرا وأخلاقا زاكية وإيمانا وإحسانا.
فهنيئا لقبر ثوى فيه البَرُّ المُسدَّد، والكريم المُعَدَّد.
مضى طاهر الأثواب لم تبق بقعة/ غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر.
هنيئا لك أبا عبد الله فلقد كنتَ ماعلمناك سهلا لينا مومنا موقنا، وإنْ كنت لممن يُعِد لمثل هذا المضجع عُدّته ويَنْهَزُ له أُهبته، فرحمك الله وجعل في عالية الجنان متقلبك ومثواك.
لئن كانت الدنيا تُعد نفيسة / لدار ثواب الله أعلى وأنبلُ
 
وإن أحسن خصلة  فيك – على زين خصالك وحسنها- وأرجاها عندي لهي حُسْن ظنك بالله عز وجل فأحلف بالله يمينا بَرّة بلا مثنويّة: إني ما رأيت أحسن ظنا بالله عز وجل من الشيخ سيدي رحمه الله، ولقد شهدته قبل مُدَيدة وهو يقول: "ما أبالي متى مت ومَنْ علم مقدار كرم من يقدم عليه هان عليه الخطب".
ولم يكن هذا منه رحمه الله من باب الأماني بل رجاءٌ مَدُوف بعمل، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وعزاؤنا للإسلام والمسلمين ثم لأهل البيت الكريم بيتِ السيادة والرفادهْ والإمامة والرِّيادهْ آل الشيخ سيدي لا زالت سماؤهم بالمكرمات هاطلة، وأيديهم عن النُّكْر عاطلة.
لقد غيّبوا بِرا وحزما ونائلا / عشية واراك الصفيح المُنَصَّبُ.
فلا حول ولاقوة إلا بالله، والحمد لله على نافذ قضائه وجزيل ثوابه.