ديمي منت آبه في ذكراها الرابعة

خميس, 06/04/2015 - 11:46

كلما شنفت مسامعي نغماتها الخالدة المتسربة من دكاكين الألحان بوسط المدينة يخامرني شعور غريب فأحاول أن أعيش مع الصوت العذب الهادئ وأبحر في أشرعته الجمالية اللا متناهية بعيدا عن هذا الواقع الذي يصدمني...
يصعقني ليذكرني بأن ديمي قد رحلت وأن ما أستمع إليه لا يعدو كونه قرصنة لإبداعات فنية لم يستطع رعاة الفن والثقافة حمايتها بقانون ملكية يحمي المفكرين والمبدعين ويصون خصوصياتهم...
إن الموضوع بالنسبة لي يصل حد الانشطار والانكسار الوجداني فأذني ميالة إلى سماع النغمات وقلبي ترهقه الذكريات ويحز فيه رحيل الفنانة المبدعة ديمي وهي في قمة الإبداع والتألق...وفي العقل والضمير تكبلني وخزات واقعنا الفني فماذا قدمنا لمن قدمت لنا كل شيء؟
ماذا قدمنا لمن أطربتنا لعقود بعصارة قلبها وعواطفها؟
ماذا نقول لمن كانت سفيرة الموسيقى الموريتانية التي سطرت علاقاتها الفنية إقليميا وعربيا ودوليا؟
ماذا نقول لمن أخبرتنا ذات يوم عبر نغمات تدخل القلب دون استئذان بأن المعجزات تكمن في الجماهير وأن ريشة الفن بلسم وسلاح ودليل يضيء وعي الرجال وأنها عالم الحقائق يحيا بين خفق الرؤى وذوب الخيال؟
ماذا أقول لمن قرأة لها مقابلة في جريدة "الشعب" قالت فيها بأنها تذوب وتنفجر وتنسى نفسها وتحترق وتتلاشى لكي تدغدغ مشاعرنا بصوتها الدافئ ونغماتها الملائكية العذبة؟
ماذا أقول لمن كانت تجهش في البكاء حبا وإيمانا حين تترنم بروائع المديح النبوي؟
ماذا أقول لمن قالت في إحدي مقابلاتها بأن حبها الأول والأخير هو لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأن القلب لا يتسع لأكثر من ذلك لعظمة المحبوب...
سامحيني ديمي لقد رحلت ولكن أفكارك لم ترحل ونغماتك خالدة باقية ودماثة خلقك منحت ذكراك فضاءات لا متناهية في كل القلوب... سامحي أهل الثقافة ورعاتها والأوصياء عليها فلو كانوا قاموا بعملهم كما ينبغي لكانت نفائس إبداعاتك محمية ولكانت تراثا موريتانيا عربيا إفريقيا إسلاميا إنسانيا لكل البشر ولكانوا أقاموا لذكراك المهرجانات ونظموا الندوات ولكانوا أطلقوا اسمك المحبب لدى الناس على شوارع ومباني وجامعات... سنتلمس لهم أحسن المخارج فبعد صدمة الفراق نتمنى أن تعود الأمور إلى مجاريها ونوفيك حقك... سامحيني فأنا يعذبني ما يحدث جهارا نهارا من قرصنة لصوتك الجميل ولكني لا أملك إلا أن أنتشي وأتضور ألما وأتعذب هذا قدري... ومن الصعب أن يهرب المحبون من أقدارهم.

نقلا عن صفحة المدون عبد الله محمدو على الفيسبوك    https://www.facebook.com/dedehmed