الميثاق الجمهوري .. أن نوقد شمعة إجماع خير من أن نلعن الظلام

جمعة, 09/22/2023 - 19:20

لا تخطئ عين المراقب اليقظ أهمية توقيع ميثاق جمهوري بين الحكومة وأحزاب سياسية عتيدة لها رصيدها النضالي ويحظى قادتها بمصداقية لدى قطاعات واسعة من الرأي العام الوطني .. كما لا تخطئ دلالات الحدث وانسجامه مع فقة مرحلة الإجماع الوطني ومع جهود ترميم ما ألحقته به الانتخابات الأخيرة من أضرار جانبية ... 
ومن يتعمق أكثر يجد ان الميثاق يمثل إشارة خضراء على مسار تشاركي تحاوري مفتوح لكل الأحزاب ولكل الفاعلين ولقادة الرأي ولكل الشخصيات المرجعية في البلاد، وهذا المسار يؤسس لبناء جبهة داخلية قوية ومتماسكة تتسامى معارضاتها وموالاتها فوق التموقعات الاعتيادية وتضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ...
فبدل أن نلعن الظلام دعونا نوقد شمعة بل شموعا تنير طريق التوافق والوئام ... دعونا نوظف لحظة الانسجام والاجماع وننقل بلادنا إلى مربع جديد فالموالاة ليست هدفا والمعارضة ليست غاية وإنما الهدف والغاية هو كل ما يحقق مصلحة الوطن ويصون أمنه واستقراره ويحقق نماءه ويجمع أهله.
دعونا نحول الميثاق الجمهوري لإطار تشاوري يتيح لنا مراجعة جادة لقانون الأحزاب كي لا تتحول موريتانيا إلى بلد المليون حزب، ونقوم من خلاله بمراجعة قانون لجنة الانتخابات كي تكون أكثر فاعلية، وبتطوير حكامة تعيينات تفرق بين التعيينات السامية العسكرية والمدنية التي منحها الدستور لرئيس الجمهورية وبين التعيينات الأخرى في أسلاك الدولة التي تبدأ من مستوى أمين عام إلى مستوى بواب والتي رغم خضوعها للسلطة التقديرية للرئيس يمكن إخضاعها لمعايير علمية ومهنية وإدارية تكرس موضوعية الاختيار وتضمن وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وتفتح آفاق تطوير المرافق العمومية أمام الخبرات الوطنية التي يمكن الاعتماد عليها .. 
دعونا نحول هذا الميثاق إلى أداة لتحقيق كل هذه الأشياء وأكثر ...
أخيرا دعونا نثمن حرص فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على تعضيد الاجماع وتعزيز اللحمة الوطنية وعلى تحقيق عدالة اجتماعية لا تترك أي مواطن على قارعة الطريق .. ولا يفوتنا في هذا المقام أن نثمن في نفس السياق إدارة الحكومة من خلال وزير الداخلية واللامركزية بحنكة وخبرة لمسارات التلاقي والإجماع ووضوح رؤيته في المجال فمقاصد الحكامة الناجعة تتجلى كلها في حسن تسيير الاختلاف، وتدبير التوافق بشكل استشرافي يفتح خيارات جديدة أمام الدولة والمجتمع.
أخيرا .. أخيرا دعونا نغير ما بأنفسنا وننزل أفكارنا في رؤية وطنية جامعة تثري الميثاق الجمهوري وتعطيه كل معاني الإجماع وتساهم في ترجمته ميدانيا في إنجازات حكامة تنفع الناس وتمكث في الأرض.
مــــنــــقول